الماضي الطويل أن نظم الإنسان لا تبرأ من النقص لإعواز الكمال فيه وغلبة الهوى عليه. وإذا استحال على العالم كله اعتناق مدنية دينية واحدة، لأن الله لم يشأ أن يجعل الناس أمة واحدة، فإن المسلمين أولى الشعوب بالمبادرة إلى هذه المدنية الفاضلة، لأنهم مدينون لدين الله بسلطانهم الذي طبق الأرض، وعمرانهم الذي جمل الدنيا، وشريعتهم التي نظمت فوضى الطبيعة،؛ ولولا الدين ما كان لهم علم ولا حكم ولا حضارة
ولعل الذين استهوتهم مدنية الغرب من الشرقيين فقلدوها تقليد التابع الذليل، قد أدركوا اليوم بعد أن زيفتها التجارب وكشفتها الأحداث وحكم عليها أهلها، أن الرجوع إلى مدنيتهم أحق، واقتباس النافع من حضارة الغرب أولى، وإنشاء مدنية فاضلة مستقلة تقوم على الدين الصحيح والأخلاق القويمة والتقاليد الصالحة، هو الأشبه بأبناء الذين ورثوا مدنيات الشعوب وثقافات الأمم، ثم أجروها على دستور القرآن، ووسموها بطابع العرب، حتى جعلوها مدنيتهم الخاصة، إليهم تعزى وعنهم تؤخذ
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهم المسلمين الصواب، ويسدد خطاهم في طريق الحق، ويهيئ لهم من أمرهم رشداً