للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- هاهي ذي

- ماذا ترى في جوفها؟

- أرى في جوفها بذوراً صغيرة

- اقطع بذرة منها إلى نصفين

- هاأنذا، يا أبت، قد فعلت

- ماذا ترى فيها؟

- لا أرى شيئاً

- أن الجوهر الدقيق الذي عجزت عيناك أن تراه قد نبتت منه هذه الشجرة الباسقة. فصدقني إن زعمت لك أن من مثل هذا الجوهر الدقيق جاء الوجود، وهذا الجوهر الذي لا تراه هو الحق الموجود، هو الروح الشامل لأطراف الوجود، هو أنت!

-. . . . . . . . .

- تعال يا بني فضع هذه القطعة من الملح في الماء، ثم أذبه

- لقد فعلت

- إيت لي بالملح الذي وضعته في الماء

- لست أراه يا أبت. . .

- ولكن ذلك الماء كيف مذاقه

- إنه ملح!

- دع الماء جانباً واقترب مني. . . إن الملح الذي لا تراه موجود؛ وهكذا نعجز أن نرى الموجود الحق في دخيلة أجسامنا، ولكنه موجود، ومن وجود هذا الجوهر الدقيق جاء الوجود. إنه الحق، إنه الروح، إنه أنت

فهذا الرباط الخفي الذي يصلنا بأجزاء الوجود فيجعل منا كائناً واحداً، قد لا تبصره العيون، ولا تحسه الأيدي، ولكنه مع ذلك كوجود. وذلك يا بني أول ما أريد أن أعلمك إياه: الوجود كله حقيقة واحدة لا فرق بين إنسان عارف وكون معروف؛ فإن زعمت أنك شيء والوجود شيء آخر، فأنت في نغمة العالم (نشاز) بغيض. . . والتطبيق العملي على هذه الخطوة الأولى هو أن تحطم من ذهنك كل ما يميز إنساناً من إنسان، حطم هذه الفواصل التي تباعد

<<  <  ج:
ص:  >  >>