للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بالفرنسية عن النثر الفني في القرن الرابع، وقد دهش المسيو (مرسيه) لهذه الفكرة وعجب كيف اتفق الناس على إن البديع هو منشئ فن المقامات، ولكني من جانب آخر أذكر أني لم أر مثل هذا الكلام في غير زهر الآداب، ولا أزال أتلمس له مصدراً آخر، ولم أعثر على شيء إلى اليوم، ويزيد في الدهشة أن صاحب زهر الآداب يروي المسألة على أنها مقبولة معروفة لم تُمسَّ بنقض ولا تكذيب، وقد نقلها عنه ياقوت في معجم الأدباء).

ذلك ما جاء في هامش الجزء الأول من كتاب زهر الآداب وقد ظهرتْ طبعتُه الثانية سنة ١٩٢٩ وكان الشيخ الإسكندري يقتني جميع الطبعات كما حدثني غير مرة، رحمه الله

ومع ذلك لم تقف المسألة عند كلام أحدِّث به أساتذة الأدب العربي ثم أثبته في هامش كتاب يظهر في سنة ١٩٢٩ فقد نشرتُ مقالاً رنّاناً في مجلة المقتطف (عدد أبريل سنة ١٩٣٠) نشرته وأنا مزهوٌّ زهو الطاووس تحت عنوان: (إصلاح خطأ قديم مرَّت عليه قرون في نشأة فن المقامات)

وكان من أثر ذلك المقال الرنّان أن تثور بيني وبين المرحوم مصطفى صادق الرافعي معركة قلميه على صفحات المقتطف

فهل من المعقول أن تثور معركة قلميه بين زكي مبارك ومصطفى الرافعي ولا يصل صداها إلى الشيخ الإسكندري (وكان من المشتركين في المقتطف) وهي في موضوع يتصل بدروسه في دار العلوم؟!

من الكلام الذي نشرته في سنة ١٩٢٩ بهامش الطبعة الثانية من زهر الآداب، والمقال الذي نشرته في المقتطف سنة ١٩٣٠ أخذ الشيخ الإسكندري فكرة القول بأن بديع الزمان نقل فن المقامات عن ابن دريد، وإلا فكيف سكت الشيخ الإسكندري عن هذه المسألة في كتابه: (تاريخ الأدب العربي في العصر العباسي) الذي ظهر سنة ١٩١٣ وكتابه الموسوم بالوسيط الذي شاركه في تأليفه الشيخ مصطفى عناني وقد ظهر قبل سنة ١٩٢٥؟

لماذا أجّل الشيخ الإسكندري هذه المسألة إلى المذكرات التي ظهرت في سنة ١٩٣٠ وهي المذكرات التي حدثتَنا أنها (طبعة أخيرة)؟!

إنما اهتدى الشيخ الإسكندري في (الطبعة الأخيرة) بما قرأ لزكي مبارك في هامش زهر الآداب سنة ١٩٢٩ وبما نشر زكي مبارك في لمقتطف سنة ١٩٣٠

<<  <  ج:
ص:  >  >>