الذي يمنع من أن تجعل التعرف إلى قواك النفسية والروحية فرضاً من فروضك في صباحك ومسائك؟
احترس من الغفلة عن نفسك، فللنفس ومضات تغير أرجاء الوجود. والتأهب للاستفادة من ومضات النفس يزيدها إشراقا إلى إشراق.
وهل كان ما ترى من الروائع والنوادر والغرائب في آثار الأذواق والقلوب والعقول إلا إثارة من التأهب لتلقي الوحي الصادر عن ومضات النفس؟
هي جوهر يشع في كل وقت، فارفع الحجاب عن عينيك لتنتفع بذلك النور الوهاج، فإن لم تفعل فأنت مجرم في حق نفسك، وفي حق وطنك، وفي حق الإنسانية.
وهل ترى من المستحيل أن توفق إلى كشف أفق جديد يزيد ثروة الناس في الفكر والمعاش؟
جرب حظك في محاولة التعرف إلى سرائر نفسك، فقد تصبح قوة كهربائية تغير ما بحيوات الناس من ألوان وأفانين؛ وقد تكون لمحة واحدة خليقة بأن تجعل لك مكانا بين أهل الخلود أن أحسنت التأهب لتلقي ذلك الوحي الجليل.
ولكن متى تحسن فهم أسرار نفسك، وأنت عنها في شغل بالظواهر الخوادع من توافه الشؤون؟
أن عقلك هو الذي يهديك إلى الانتفاع بالقوى المستورة في أطواء نفسك، فهل استهديت عقلك؟ وهل فكرت في أن أكابر الموهوبين قد لا يكون بينهم وبينك من الفروق ما يستوجب أن يتقدموا وتتخلف؟
فكر في مصيرك، يا جاهل، فقد يحطك الله في جهنم لأنك لم تحسن الانتفاع بهدى عقلك في معرفة قوى نفسك، والنفس هي اشرف الأرزاق.
وما النفس وما العقل؟؟
الذي يهمني هو الاطمئنان إلى أنك تعرف جيدا أنك خلقت لغاية غير الغاية التي خلق لها أخوتك وزملاؤك، فالإنسان هو الحيوان الوحيد الذي تختلف فيه ملامح الوجوه، ومن الواجب أن تختلف فيه ملامح العقول، فمن أنت؟ وما صورة وجهك؟ وما سمة نفسك؟ وما صبغة عقلك؟