للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من أعضائه. وكانت مهمة ذلك المجلس الإشراف على التعليم والتربية في الجامعة الأزهرية.

وسار الشيخ في إصلاحاته أول الأمر بسرعة اغتناماً للفرصة، ولم يلق معارضة من أحد مباشرة، وإن كان قد أشير عليه من وقت إلى آخر بتأجيل بعض المشروعات بحجة التدريج والسير بهوادة!

وكان أول أبواب الإصلاح التي وجه الشيخ عنايته إليها هو تحديد مدة الدراسة بالأزهر: فقد جرى العرف منذ زمان طويل أن ينفق المجاورون من أعمارهم الأعوام الطوال في الأزهر، دون أن يجدوا من أولى الأمر أية رقابة على أعمالهم. وحدد القانون بدء السنة الدراسية ونهايتها، كما حددت أيام العطلة والمسامحات. وقد كانت الحال قبل ذلك بلا ضابط: فكان المشايخ والطلاب يمكنهم التغيب متى شاءوا فضلاً عن تغيبهم أيام المسامحات الرسمية.

ووجه الشيخ بعد ذلك عنايته إلى نظام التدريس والامتحان: فاقترح أن تعقد للطلبة امتحانات سنوية. ولم يكن ذلك النظام معروفاً قبل ذلك في الأزهر، بل لم يكن عدد من يمتحنون كل عام يزيد على ستة، وهؤلاء كانوا يتقدمون إلى الامتحان لا بحسب دورهم أو ذكائهم أو علمهم، بل بشفاعة الشفعاء وإلحاح الملحين، والغرض من ذلك طبعاً هو بث روح التسابق فيهم وترغيبهم في التحصيل.

وثالث الإصلاحات التي اقترحها الشيخ محمد عبده: إصلاح لا يقل عن سابقيه أهمية وأثراً، وهو يقضي بإلغاء دراسة بعض الكتب العقيمة - كالشروح والحواشي والتقارير - التي اعتاد المشايخ تلقينها الطلبة من غير فهم، وكان من شأنها أن تشوش عليهم موضوعات العلوم التي يدرسونها؛ واستعيض عن ذلك كله بكتب أنفع وأقرب إلى مدارك الطلاب.

ورابع الإصلاحات يرمي إلى تقسيم العلوم التي تدرس بالأزهر إلى مقاصد ووسائل؛ فأطيلت مدة الدراسة في (علوم المقاصد): كالتوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول الفقه والأخلاق. أما (علوم الوسائل): كالمنطق والنحو والبلاغة ومصطلح الحديث والحساب والجبر، فهي التي يلزم طلاب شهادة العالمية بأداء امتحان فيها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>