كم أَجَلْتُ الطرْفَ في أَزْهَارِهِ ... والَجْديِد الغَضَّ مِنْ نُوَّارهِ
في زَمانٍ زَيَّنَتْ أَفْوَاقُهُ
كلَّ رَوْضٍ وَكَسَى كلَّ فَضَاء
رَفَّ قلبي لِمَجَاليِه الِحْسَانِ ... وَلأَطْيَافٍ بهِ زِدْنَ افْتِتَانِي
لَمَحَتْ في كلَّ شيْء نَشْوَةٌ ... مَلَكَتْ حِسيَّ وَفَرَّتْ في جَنَاتي
وَمشَتْ مِلْء كِياني هِزةٌ ... أَنِسَتْ رُوحي بها صُوِفيةٌ
لمْ تَكُنْ لِلطينِ يَوْماً تَنْتَمي
حَرَّكتْ قلبي وإنْ عَىَّ لسَاني!
كم أَرَى البُرْعُمِ الْغَضَّ الوَليدِ ... مِنْ طُيُوف ضَاقَ عَنْهُنَّ قَصِيدي
كم تَرَى رُوِحَي في مَوْلِدهِ ... مِنْ مَعَاني البَعْثِ والخَلْقِ الجَدِيدِ
مَوْلِدٌ ما شَذَّ عنْ مَوْعِدهِ ... حَدَّثَ المْبِصَر عَنْ مُوجِدهِ
مَوْلِدٌ ما مَرَّ عَجْلانَ بهِ
غَيْرُ لاهٍ مُظْلِم الحِس بَلِيِد!
غِبْطَةٌ تَزْهَدُ نَفْسِي في سِواها ... فَطَنَ الَقَلْبُ إلَيْهَا فاحْتَوَاها
لَيْتَ مَنْ يَقضِي غُرُوراً عُمْرَه ... نَسِىَ الأوْهامَ يَوْماً فاجْتَلاهَا
لَيْتَهُ في العَيْشِ ينْسَى زُورَه ... فَيَرَى الحُسْنَ وَيَهْوِى سِحْرَهُ
لَيْتَ هَذا الحَيْ يَنْسَى جَشَعاً
يُوبقُ الرُّوحَ وَيُنْسِيَها هُداها!
يَا جَمالاً هاجَ في الكْونِ هُيَامِي ... أَجْتَلى دُنياهُ عاماً بَعْدَ عامِ
نَشْوَةٌ كم ألْهَمْتني الفَرَحَا ... يَوْمَ أَتْرَعْتُ بها كأُسَ غَرامي
أَتُرَى يَعْلَمُ ألفٌ نَزَحَا ... أنني اليَوْم حَطَمْتُ القَدَحَا؟
وَيْكَ يَا قلبي! أَتَبْكي كُلَّمَا
جَدَّدَ الْعَيْشُ دَوَاِعي الابِتَسامِ؟
إِغْنَمِ المُتْعَةَ مِنْ هَذا الَجْمالِ ... وَانْسَ آلاَمَكَ في هَذِى المَجَالى
أَيُّهَا الْقَلْبُ إِلاَمَ المُشْتَكى ... إِبْتهَجْ فالْعَيْشُ عَجْلاَنُ الليالي