أيلف كالليل الأباطح، والربى ... والمنزل المعمور والمهجورا؟
فأجبتها: كلا، فقالت: سمه ... في غير خوف (كائنا مغرورا)
فاحتدم السلطان أي احتدام ... ولاح حب البطش في مقلتيه
وصاح بالجلاد: هات الحسام ... فأسرع الجلاد يسعى إليه
فقال دحرج رأس هذا الغلام ... فرأسه عبء على منكبيه
قد طبع السيف لحز الرقاب ... وهذه رقبة ثرثار
اقتله. . واطرح جسمه للكلاب ... ولتذهب الروح إلى النار!
سمعا وطوعا سيدي - وانتضى ... غضبا يموج الموت من شفرتيه
ولم يكن إلا كبرق أضا ... حتى أطار الرأس عن منكبيه
فسقط الشاعر معروضا ... يخدش الأرض بكلتا يديه
كأنما يبحث عن رأسه ... فأستضحك السلطان من سجدته
ثم استوى يهمس في نفسه ... (ذو جنة) أمسى بلا جنته
أجل! هكذا هلك الشاعر ... كما يهلك الآثم المذنب
فما غص في روضة طائر ... ولم يتطفئ في السما كوكب
ولا جزع الشجر الناصر ... ولا اكتأب الجدول المطرب
وكوفئ عن قتله القاتل ... بمال جزيل وخد أسيل
فقال له خلفه السافل ... ألا ليت لي كل يوم قتيل!
في ليلة طامسة إلا نجم ... تسلل الموت إلى القصر
بين حراب الجند والأسهم ... والأسيف الهندية الحمر
إلى سرير الملك الأعظم ... إلى أمير البر والبحر!!
ففارق الدنيا ولما تزل ... فيها خمور وأغاريد
فلم يمد حزنا عليه الجبل ... ولا ذوى في الروض أملود
في حومة الموت وظل البلى ... قد التقى السلطان والشاعر
هذا بلا مجد، وهذا بلا ... ذل، فلا باغ ولا ثائر
عانقت الأسمال تلك الحلي ... واصطحب المقهور والقاهر