للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن حصر الإجراءات والوسائل التي اتخذتها الدولة للعناية برفع مستوى الشعوب من الناحية الاقتصادية والاجتماعية يتطلب مجلات ضخمة، ولا يمكن لمجلة قيمة (كالرسالة)، أن تشغل وقت قرائها بسرد طويل - قد يمله بعضهم - ولكني على سبيل الإشارات، قد ضربت هذين المثالين:

الحكومات هي أم الشعب الذي يجب أن ترعاه، بل المسؤولة عن توجيهه، وتوجيه أفراده، وصيانة المرافق، وتدبير جميع المنافع، وإبعاد جميع المخاطر، وإصلاح جميع (الأحوال).

والعيب كل العيب يا دكتور على الفرد الذي لا يعتمد على احتمائه بقوانين الدولة التي تصدرها لتنظيم العلاقات المختلفة بين الأفراد والجماعات، بين أصحاب الأعمال والعمال، بين الملاك والمستأجرين، بين التاجر وعملائه، بين الموظف ووظيفته إلى آخره.

بل (لقد شلت مواهب كثيرة) بسبب عدم تشجيع الدولة لها، وتقدمت وارتقت مواهب المفكرين والمخترعين الذين أولتهم الدولة عنايتها، وشجعتهم بمختلف الوسائل، كالتعيين في الوظائف العامة، ومنح المكافآت، والامتيازات وما إلى ذلك.

والواقع أن الأعمال التي اطمئن عمالها إلى مستقبلهم، قد ارتقت وتقدمت تقدماً باهراً، بسبب رعاية الدولة لعمالها ووضعها تشريعاً روعي فيه مصلحة الطرفين، أي مصلحة العامل وأصحاب الاعمال، وضماناً للعدالة التي يجب أن تحتل المكان الأول في المعاملة.

أما (احتماء الفرد بنفسه) وأن النفس لأمارة بالسوء، فهو الفوضى بعينها، ولو كان الأمر كذلك لما أرسل الله مبشراً ونذيراً، وسنت الشرائع السماوية، ولما فكر العلماء في وضع القوانين واللوائح التي تحد من طمع الإنسان وجشعه، وحب الذات، (كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى).

ولذلك أرجو أن يرجع الدكتور عن رأيه وأن يقرر معي، كما قررا العقل والناموس الطبيعي. أن يعتمد الفرد على (الدولة)، وأن يوجه عنايته دائماً للتعاون معها في سبيل الإصلاح خصوصاً بعد أن أصبح مبدأ تدخل الدولة من المبادئ المحتومة التطبيق، ما دام قائماً على أساس التضامن الاجتماعي والعدالة في توزيع الضرائب.

تدخل الدولة

إن تدخل الدولة في أحوال المجتمع والأفراد أصبح أمراً لازماً لا مناص منه منذ زمن بعيد،

<<  <  ج:
ص:  >  >>