الحرب الماضية. وبعد أن تلقي هذه الطائرات الجبارة محمولها من القذائف الكبيرة، تمطر برصاص مدافعها الرشاشة جنود العدو، وتتلوها أسراب من الطائرات الخفيفة تحمل قذائف صغيرة وقنابل محرقة وهي تمثل دور الفرسان قديماً؛ ثم يبتدئ هجوم الدبابات الضخمة من ذوات الستين طناً، وتسير إلى جانبها الفرق الآلية، ولا يتقدم المشاة إلا بعد تمهيد الطريق وتنظيف الساحة من العدو.
ولكل فئة من رجال الهوابط مهمة: فمهمة الفئة التي تتألف من خمس طائرات أن تهبط في مكان معين، حيث تنتظرها عصابة من الطابور الخامس؛ والتي تتألف من أربع طائرات أن تهبط لنسف الجسور أو لتخريب السكك الحديدية ونحو ذلك؛ والتي تتألف من ثلاث طائرات أن تستولي على مستودعات النفط والمؤن، والتي تتألف من طائرتين أن تعطل المطارات. أما التي تتألف من طائرة واحدة، فتحمل مهندسين وخبراء فنيين لدرس الطرقات وطبيعة الأنهار وأمثالها. وكل ذلك يتم بنظام دقيق يشبه نظام الساعة.
جنود الهوابط (الباراشوت)
منذ سنة ١٩٣٥ ابتدأت ألمانيا بتأليف فرق الهوابط وتمرين رجالها على هذه الطريقة الحربية الجديدة التي تقتضي مهارة كبيرة وتمريناً طويلاً، لأن الخطر الذي يهدد الهابط ليس في الجوبل عند وصوله إلى الأرض، إذ تنكسر رجله، أو تصدع على الأقل فلا يعود يستطيع أن يقوم بمهمته، وكل هابط يحمل بندقية رشاشة خفيفة ودراجة وكمية من الذخيرة، وعليه أن يحسن جيداً لغة البلاد التي يهبط فيها.
كان الألمان في الحرب الماضية ينشئون وراء خطوطهم مثالاً تاماً من خنادق الحلفاء ويمرنون جنودهم على طريقة مهاجمتها، وهكذا فعلوا في الحرب الحاضرة، فصنعوا بدلاً من الخنادق نموذجاً من البلدان التي نووا اجتياحها تتراوح مساحته بين أربعة وخمسة أمتار، وأثبتوا فيه الطرقات والأشجار والبيوت والأقنية والأنهار وغيرها، فيعكف جنود الهوابط على درسها حتى إذا حانت ساعة العمل قاموا بمهامهم بكل دقة.
ولا يبلغ جنود الهوابط أهدافهم بدون مساعدة رجال الطابور الخامس، وهذا ما دل عليه اجتياح نروج. وفي هولندا هاجم الهابطون الألمان مطاراً وهم متنكرون بالملابس الهولندية فلم يستطيع الهولنديون أن يميزوا بين الأصيل والدخيل. وفي بلجيكا سقط هابط ألماني