ولعل القارئ يذكر إننا نحول القوة الأولى (س) إلى خط مستقيم، والقوة الثانية (س ٢) إلى مربع، والقوة الثالثة (س ٣) إلى مكعب، فيجب أن يستمر القياس إلى (س ٤) فنحولها إلى جسمٍ في أربعة أبعاد وإلى (س ن) فنحولها إلى جسم عدد أبعاده (ن). ولا أرى من الضروري أن أعيد ما ذكرت في البحث السابق من أن تصور مثل هذهِ الأجسام مستحيل.
على أن الدكتور كايزر وهو علم من أعلام فلسفة الرياضيات يقول: إذا لم يكن لهذه الأجسام وجود في البصيرة فلها وجود في التفكير، وإذا لم يكن في الحس فهو قي العقل، وإذا لم يكن في المادة فهو في الفكر، وهو لا يكتفي بهذا فيقول في كتابه لقد أقنعني التأمل بأن حيزاً أبعاده أربعة أو أكثر له من خصائص الوجود مثل ما للفضاء الهندسي العادي
وقبل أن نعرض لتلك الخصائص نود ذكر بعض الظواهر الطبيعية التي أستخدم في تفسيرها البعد الرابع وكان أسهل مما تبناه العلماء من تعاليل وفرضوه من فروض. ولا أراني في حاجة للقول بأن نظرية النسبية التي فسرت أكثر الظواهر الطبيعية المعقدة العويصة لا تدخل ضمن نطاق هذا الشرح
هناك نوعان من حامض الطرطريك (ك ١٤ يد ١٠ أ٩) يشبه أحدهما الآخر كأنه صورته في المرآة ويتحول أحد هذين النوعين إلى نوع الآخر دون حدوث تفاعل كيماوي يفسر هذا التحول بأنه تحرك نوع واحد في البعد الرابع في اتجاهين متضادين
ونجد نفس الظاهرة في سكر العنب (دكسترو ك٦ يد ١٢ أ٦) وسكر الفواكه (ليفيلوز ك٦ يد ١٢ أ٦) وهما نوعان من السكر موجودان في العسل متشابهان في التركيب الكيماوي ولكن أحدهما معكوس الآخر إذا ما فحص تحت الضوء المستقطب وإذا تصورنا تحرك ذراتهما في البعد الرابع أمكننا أن نعلل سبب اختلافهما
ومن العجب حقاً أن نجد نفس الظاهرة في نوع من الحلازين فبضعها ملتو إلى اليمين والبعض الآخر ملتو إلى اليسار كأن أحد النوعين صورة في المرآة للنوع الآخر. ليس هذا فحسب وإنما تبدي عصارة كل منها ما يبديه نوعاً من السكر من أن أحد العصارتين تظهر تحت الضوء المستقطب عكس الصورة الأخرى وقد أشار هنتون وهو من المشتغلين بمثل