نشرف على الجسم الجامد من كون خماسي الأبعاد حتى نستطيع أن نراه؛ لأن أبعاد الجسم المرئي يجب أن تكون أقل يبعد واحد من أبعاد الكون الذي نراه فيه
لا أُحب أن أترك البحث دون أن أشير إلى ناحية طريفة في الموضوع تتعلق بإيمان بعضهم بالخلود والأبدية كانغماس في البعد الرابع، فنحن نسير مع الزمن حتى إذا ألم بنا عارض وقف سيرنا هذا وتأخرنا في الماضي؛ وتأخرنا هذا هو الموت؛ ولا يعني هذا الموت أننا نسير إلى العدم وإنما نبقى في البعد الرابع أحياء أحراراً، ولذا كان البعد الرابع الطريق الذي تظهر به الأرواح لعالمنا، وكان البعد الرابع التفسير الذي تمسك فيه المشتغلون بالروحانيات وانتقال الأفكار وعلم الغيب والتصوف. وإذا كان هناك رجل يجب أن يلام على انتشار مثل هذه الأفكار فهو زولنر وكان أستاذ علم الفلك الطبيعي في ليبنرج. ففي السنتين ١٨٧٧، ١٨٧٨ نزل الوسيط الأمريكي سيلد إنكلترا وتنقل في أنحاء القارة الأوربية يعرض أعماله السحرية العجيبة، يدخل الأجسام بعضها ببعض ويعقد ويحل عقداً في سلسلة ليس لها من نهاية. والخلاصة أنه كان يسحر الجمهور ويدهشه بألاعيبه. وقد قدر لزولنر هذا أن يجلس مع ستيد نحو ثلاثين جلسة خرج منها معتقداً أقوى الاعتقاد أننا نعيش في عالم مغمور في كون رباعي الأبعاد، وأن البعد الرابع مسكن الأرواح التي تظهر بين حين وآخر وتؤثر في حياة سكان الأرض
وقد بلغ من زولنر الوهم حتى صرح أنه في إحدى الجلسات (صافح صديقاً من ذلك العالم الآخر)
على أن السلطات لم تترك ستيد حراً فقد أُلقي عليه القبض في إنكلترا وحكم عليه بالإعدام، إلا أن زولنر أبى إلا أن يرى ستيد بريئاً (وقد قضى ضحية جهل القضاة والمتهمين) ولقد كان زولنر كاتباً بليغاً، فلا عجب أن وجدت آراؤه انتشاراً واسعاً، ولا عجب أن آمن به الكثيرون.