حين لم يبق للسان مجال ... ترجم الدمع عن أدق المعاني
أمهلتني هنيهة ثم قالت ... ويح نفسي لقد سمعت عتابي
واطمأنت لحيرتي ثم مالت ... تطل البعد وهي ترجو اقترابي
قلت مهلا ترفقي بفؤاد ... شفه الوجد والحنين إليك
جئت أسعى إليك بعد بعاد ... ووضعت الفؤاد بين يديك
لست أرضى الخلود عنك بديلا ... فحياتي رهينة بهواك
لا ولا المجد أرتضيه خليلا ... غاية المجد أن أنال رضاك
لك نفسي إذا أردت فداء ... أنت روحي وأنت غاية نفسي
لا أدرى في الوجود عنك عزاء ... أنت عيني وأنت سمعي وحسي
أطرقت عفة وأغضبت حياء ... إذ رأتني محدقا في اشتياق
وأرتني تمنعا وإباء ... وإباء الدلال حلو المذاق
لست أنسى جمال ذاك المحيا ... بين زهو الصبا وطهر العفاف
وحديثا وعاه قلبي شهياً ... أين من وصفه بليغ القوافي؟
لست أنسى طلاقة وبهاء ... وانتشاء وغفلة وابتساما
لست أنسى تعففاً وحياء ... وانتباها وفطنة واحتشاما
لست أنسى تلهفا وافتتانا ... وهي تصغي إلى حديث اغترابي
لست أنسى ترفقا وحنانا ... ما أحيلاه بعد طول الغياب!
إن هذا اللقاء يملأ قلبي ... كل حين مسرة وهناء
فأراها على البعاد وحسي ... ذاك حتى يجود دهري عزاء