هذا من العدل في التشريع، ولا هو من مصلحة الفتيات أو مصلحة الزواج.
والأولى بالشرائع أن تعني بأمرين هما خير من العناية بالإكراه على الزواج، إذا كان الغرض من الإكراه على الزواج زيادة النسل وقلة الفساد:
الأولى بالشرائع أن تعني (أولاً) بتصحيح أجسام المولودين وتصحيح أجسام الآباء والأمهات قبل الزواج
فلو أن ألفاً من المرضى والعجزة والفاشلين تزوجوا ورزقوا البنين والبنات لما كان هذا مانعاً أن يموت معظم المولودين في سن الطفولة، وأن يعيش من يعيش بعد ذلك أفشل مما عاش الآباء والأمهات
وخير من هذا أن تُتَحرى الصحة في طلاب الزواج، وأن تتحرى التربية التي تصون حياة الأطفال من عبث الجهل والإهمال والأولى بالشرائع أن تعنى (ثانياً) بتبغيض الناس في الفساد لا بمجرد الحجر عليهم وهم يشتهونه ويقبلون عليه
ٍوإنما يصبح الفساد بغيضاً إذا كانت الاستقامة أطيب منه وأمتع وأدنى إلى الأنفس والأيدي، ولن يكون الأمر على هذه الصفة إذا كانت الأخلاق المفروضة على الناس أخلاقاً غير معقولة ولا مستندة إلى سند غير التقليد والاستمرار، ولن يكون الأمر على هذه الصفة إذا كانت بطالة الأغنياء وعوز الفقراء دافعين ملحين إلى الترف وبيع الأعراض، ولن يكون الأمر على هذه الصفة إذا كان فساد الأزواج كفساد العزاب، ولم يكن الزواج وحده عصمة لذويه على اختيار أو على اضطرار
وبعد فقد كتبنا عن الزواج مقالاً بعد مقال؛ فهل نستطيع أن نكتب في هذه المسألة الاجتماعية الإنسانية على الأسلوب الذي كتب به برتراند رسل الإنجليزي، وليون بلوم الفرنسي، وغيرهما من كتاب أوربا الوسطى؟
أما أنا فأستطيع!
وأما الشك كل الشك فهو في استطاعة كثير من القراء الشرقيين أن يستمعوا لآراء كتلك الآراء، ولو ليخالفوها أو يتبينوا ما فيها من الأخطاء!