عبد الوهاب عزام ضمن كتابه الأخير (مجالس السلطان الغوري)؛ إذا بي أقف على تحريف في المثل السابق، وأعلم أن صحته كما جاء في الصفحة الثامنة والستين من كتاب النفائس المذكور إذ وردت فيه هذه العبارة:
قال بعض الحكماء: الهزل في الكلام كالملح في الطعام!
ومن اليسير على القارئ أن يدرك جمال المعنى في قول ذلك الحكيم:(الهزل في الكلام كالملح في الطعام) فإن الكلام إذا خلا من الهزل المباح المحمول كان جافاً ثقيلاً، وكانت النفوس أسرع إلى النفور منه والعزوف عنه، وقد كان النبي صلوات الله عليه يمزح أحياناً؛ وإن كان لبلاغته وتمكنه وعصمته لا يقول في مزاحه إلا حقاً. وإذا زاد الهزل في الكلام كان ذلك أدعى إلى الإفحاش فيه، والخروج به إلى المجانة والهذر. ولعل مما يستأنس به لذلك قول الرسول الكريم:(كثرة الضحك تميت القلوب) وقوله ما معناه: (كثرة المزاح تسقط الهيبة). وبذلك يتضح أن التشبيه - بعد التصحيح السابق - قد استكمل شرائطه، وصار له من الجمال والدقة ما له.
فليُرح البلاغيون أنفسهم، وليستبدلوا كلمة (النحو) بكلمة (الهزل) فيستقيم لهم المثل، وفوق كل ذي علم عليم.