للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تجتمع إلا لعالم، وخبرة واسعة لا تتهيأ إلا لأريب. درس الأستاذ توحيد وقرأ، ثم رحل وشاهد، ثم ذاق وجرب، ثم عايش النبلاء بحكم نشأته، ولابس الدهماء بحكم وظيفته، وأعانه على الإفادة من كل أولئك أسرة غنية ويد سخية ونفس طُلَعة. فأنت لا تكاد تبدأ الحديث أو تلقى السؤال في ناحية من نواحي الأدب أو الفن أو السياسة أو التاريخ أو الطب أو الطعام أو الشراب أو اللهو إلا بادرك بقول تظنه لصوابه تفكير يومه، أو بادهك بجواب تحسبه لسداده اطّلاع ساعته

وأما أخونا الزناتي فحديثٌ حسن المنطق عذب الأسلوب جامع لطائفة مختارة من أخبار العلماء والأدباء ورجال الحكم، شهدها بنفسه، أو سمعها من أبيه، أو قرأها في مخطوط من نوادره؛ ومن هذه الأخبار ما لا تجده في كتاب ولا تسمعه من أحد. وللزناتي تطلَّع الجبرتي وملاحظته، فهو يستقصي أطراف الخبر، ويستوعب أحوال الأشخاص، ثم يخزن ذلك في حافظة واعية ليؤديه متى شاء لا يند منه حرف ولا وصف. ولقد أقترح أحد الأصدقاء على الأستاذ توحيد أن يُطرف قراء (الرسالة) بأحاديث (من جانب الذاكرة)، وعلى الأستاذ الزناتي أن يمتعهم بنوادر (من فيض الحافظة)؛ فعسى أن ينزل الأستاذان على مقترح الصديق، وان يعجلا إلى القراء الظِّماء بهذا الرحيق!

(المنصورة)

احمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>