للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وضع المعلم الإلزامي في مركز دقيق جعله هدفاً لكثير من الأفراد والجماعات، ترى في وجود هذا المعلم وفي طبيعة عمله خطراً تخشى مغبته على كثير من الأوضاع التي يرزح الشعب تحت أثقالها، ولا حياة لهؤلاء الأفراد والجماعات إلا في ظل هذه الأوضاع الجائرة؛ ومن هنا كانت الحملات على المعلم الإلزامي في كثير من الأحيان حملات مغرضة، تلبس ثوب الحق وهي من صميم الباطل، وتتظاهر بالإصلاح وهي ترمي إلى الهدم؛ وقد انساق في هذا التيار الجارف كثيرون عن حسن قصد وبراءة ضمير، من غير أن يفطنوا إلى هذه البواعث الخفية ومن غير أن يبذلوا في سبيل الإصلاح ما ينبغي من جهود. . .

ومن الأمور التي تستوقف النظر وتدعو إلى التفكير الطويل أن في وزارة المعارف ثلاثة رجال بأيديهم مقاليد الأمر في هذه الوزارة التي تتولى شؤون التعليم الإلزامي، وكلهم قد أبلى في بحث هذه المشكلة البلاء العظيم، واستطاع أن يلمس مواطن الداء ويقرر وسائل العلاج، وأن تكون له آراء جديرة بالتنفيذ لإصلاح حال المعلم الإلزامي الذي يتوقف على صلاح حاله صلاح المجتمع الذي يعيش فيه، ومع هذا فإن تلك الآراء القيمة التي سجلها هيكل وطه والسنهوري في صحائف الكتب والمجلات، لم يكن حظها على أيدي أصحابها وقد مكنتهم الأقدار من العمل والتنفيذ، أكثر من حظ ما يسطره كاتب مثلي قد تعوزه القدرة على إعلان رأيه، قبل أن تعوزه القدرة على تحقيق الرأي الذي يريد!

إني لأشفق على مشكلة التعليم الإلزامي في وزارة المعارف إذا لم تحل في عهد هؤلاء الثلاثة الذين ارتبطوا بمناهج قويمة في الإصلاح، وإلا فهل من اليسير أن تجود الأيام بمجموعة كهذه، اجتمعت على الرأي المتحد والعبء المشترك والقدرة المتاحة لتحقيق الآمال؟

(القاهرة)

محمد كامل حتة

<<  <  ج:
ص:  >  >>