الذي يوجه إلى ألمانيا إن أدارت هي شؤون البلاد، سيتحول تياره نحو هؤلاء الحكام، فإذا لم يطق الناس حكمهم لشدة كرههم إياه، استبدلت بهم طائفة أخرى من الخونة الذين لا يستنكفون أن يخدموا المصالح الألمانية. . .
وليس من المحتم أن يكون الذين يقبلون الاشتراك في هذا العمل الإداري خونة، فقد يشعرون بأنهم يخدمون أمتهم إذا قاموا بالعمل العادي الضروري لحياة المجتمع الحديث.
ولكن الذي نرجحه أن تقوم سياسة ألمانيا في البلاد التي تحت سلطانها على إيجاد طوائف من الخونة مختلفين، نازيين أو غير نازيين يعارض بعضهم بعضاً. وقد تكون الأحزاب النازية المحلية المتنافسة أصلح الطوائف لهذا الغرض، فإذا لم تكن كذلك فإن ألمانيا لن تتردد في أن تقدم معونتها لأي نظام يخضع لمشيئتها وإن لم يكن قائماً على المبادئ النازية. . .)
تلك إذن هي السياسة النازية العاملة في البلاد الأوربية، وهي من ظواهر المنطق الألماني الذي يوهم صاحبه أنها سياسة يعمل بها حتى غير الألمان، فيقول استي مثلاً في كلام على التوسع الإمبراطوري البريطاني في مصر:(وجد لسوء الحظ في مصر، كما وجد في الهند، خونة للوطن ظنوا أنهم بعون الإنجليز يستطيعون الاستيلاء على الحكم، وبهذا نجحت في البقاء بمصر سلطة أجنبية ما كانت أبداً لتستطيع التسلط على بلد متحد حول الفكرة القومية).
لو وقع ذلك في مصر لكانت حالها حينئذ عين الحال التي يضربها الألمان من الآن على أمم أوربا المغلوبة وهي ليست بأقل منهم إنسانية، وإن أنكرت ذلك النازية المتغطرسة حتى على الآريين من غير الجرمان.
وإذا كان شأن الألمان مع الأوربيين أنفسهم هو ما علمت فما الظن بما يستحلون في استعباد الشرق واستغلاله واستيعاب ثروته، إن قدر لهم النصر في النهاية؟
حقاً إن في بيان إينتسج لعبرة يجب أن يعتبرها كل مخدوع أو مخادع وهو غافل عن الحقائق.