للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاء الكاتب الفاضل صاحب المقال يسأل في العدد (٤٢٣) عن المصدر الذي نسب هذا القول إلى علي، ويذكر أن مصدره هو: (السيرة الحلبية ج ٣ ص١٤٠). ويقول في ختام كلمته: (ليس هناك ما يمنع صحة هذه النسبة إلى النبي على سبيل القطع)

فمن الخير أن نبين ما يمنع صحة هذه النسبة:

١ - كانت نشأة الخوارج بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من ربع قرن وعرفوا بهذا الاسم لخروجهم على علي في حرب صفين.

٢ - إذا جعلنا صدور هذا الكلام عن النبي من باب الإخبار بالمغيبات اعترضنا أمران: الأول أن الأحاديث المأثورة في هذه الباب تذكر صفات عامة ولا تسمى أشخاصاً ولا فرقاً بأسمائها.

والثاني أن الصحابة الكرام لا علم لهم بالمغيبات، فكيف وقع إليهم اسم (الخوارج) حتى يسألوا عنه. ونحن نعرف أحاديث كثيرة يجعلها المحدثون في باب الكلام على الخوارج، إلا أنها جميعاً ليس فيها هذا الاسم؛ حتى أن ابن عمر وغيره كانوا إذا سئلوا عن الخوارج (بعد سنة ٣٦هـ طبعاً) حدثوا هذه الأحاديث التي فيها صفات قد تنطبق عليهم باجتهاد الراوي. وانظر في ذلك ما جاء في كتب الحديث بدلالة (مفتاح كنوز السنة: الخوارج) في أكثر من عشرين موضعاً.

٣ - هذا الكلام المنسوب إلى رسول الله، المنقول من السيرة الحلبية يناقض ما قبله وما بعده فيها من الأحاديث الصحيحة كل المناقضة: فبينا يورد صاحب هذه السيرة (١٤٠: ٣) أحاديث في كفرهم ووجوب قتالهم نرى هذا الكلام ينفى عنهم الكفر والنفاق صراحة.

٤ - لو صح عن النبي شيء فيهم بصراحة، ما وسع علياً أن يقول موصياً فيهم: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من صاحب الحق فأخطأ كمن طلب الباطل فأدركه)، ولو صح ذلك ما جاز لابن عباس أن يقول فيهم لعلي: (والله ما سيماهم بسيما المنافقين وإن بين أعينهم لأثر السجود وهم يتأولون)، وإنما المعقول أن يستشهدا بما قال النبي صلى الله عليه وسلم. ولو صح ذلك أيضاً لما جعلهم المحدثون (البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجدْ) ممن تنطبق عليهم أحاديث المروق اجتهاداً منهم. أما سندي في عزو هذا الكلام إلى صاحبه علي بن أبي طالب فهو العقد الفريد وقد سهوت فذكرت الخوارج في العدد

<<  <  ج:
ص:  >  >>