(. . . وألفت هذا الكتاب في تاريخ أشور وبابل، وقد جمعته من أشهر أقوال المؤلفين في هذا الأوان، مما وصلوا إلى تحقيقه بعد شهادة الاختبار والعيان، وقسمته إلى قسمين: أحدهما جغرافي يبين الحدود والمساحات، والآخر تاريخي ذكرت فيه ترجمة من اشتهر من ملوكهم وعظمائهم، وما اشتهر لهم من الفتوحات وعظائم الأعمال إلى حين انقضائهم. . .)
وهذا الكتاب (وقف عليه اللغوي الشيخ إبراهيم اليازجي فهذب عبارته وصحح مبانيه، فجاء نقيا من الكلف، بريئا من الكلف، قريب اللفظ على بعد مرامه)
وكم كنا نود، لو أشار المؤلف إلى المراجع التي استند إليها في تصنيف كتابه، التي نظنها كانت بالفرنسية، لإجادته هذه اللغة على ما أسلفنا الكلام عليه
وقد وقفنا منذ زمن على بحث للعلامة الأب أنستاس ماري الكرملي عنوانه:(سلوان الأسرى في إيوان كسرى)، فيه نظرات نقدية صائبة للأعلام الواردة في هذا الكتاب، وجهها بشيء من العنف، إلى مؤلف الكتاب، أو بالأحرى إلى مصححه اليازجي
ومهما يكن من أمر فان مباحث الكتاب أضحت في وقتنا هذا قديمة لا يركن إليها، نظراً إلى ما دخل هذا (التاريخ) من الحقائق الجديدة التي هي ولا مراء وليدة علم الآثار. ولا يخفى أن هذا العلم قد أحرز تقدماً مدهشاً في مختلف الميادين خلال هذه المدة التي أربت على الستين سنة! فإذا تركنا هذه الملاحظة جانباً وجدنا في الكتاب بعد ذلك دليلاً واضحاً على ما كان عليه ذلك العلم قبل أكثر من نصف قرن؟ وفي معرفة ذلك فائدة جليلة لمن يبغي دراسة تاريخ العلوم
٢ - أتالا
صنف هذه القصة الخيالية الكاتب الفرنسي الشهير شاتوبريان سنة ١٨٠١ م باللغة الفرنسية وهي رواية انتزعها المؤلف من كتابه (عبقرية النصرانية)، ولم يكن يومئذ قد أكمله. والحادث الذي تدور عليه الرواية ورد في أميركا الشمالية، وذلك أن (شكتاس) أسره جيل من الناس كان عدوا لرفاقه فحكم عليه بالإحراق، وكانت (أتالا) ابنة الزعيم الأقوى للقبيلة المعادية، فعشقت الأسير وخلصته في الليل وفرت به إلى القفار. أما وصف المؤلف لم انتاب العشيقين من الخوف والأمل والحب ووخز الضمير الذي كان يعذب هذين الفارين