للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخالد، قال في المقدمة:

(هذه رسائل، وضعت فيها عصراً من عصور الإسلام قد أشرق به نور العلم، وجرت فيه أعمال عظيمة قام بها رجال كبراء ملئوا العالم بآثار جمالهم، وجعلت الكلام فيها لرحالة (فارسي) طوَّفته معظم البلدان الإسلامية في المائة الثانية للهجرة وطوقته مناصب الدولة برعاية البرامكة إلى أن نكبهم الرشيد. . .)

فالكتاب رسائل تبلغ العشر عداً، كتبها الرحالة الفارسي الخياني من سنة ١٥٦ إلى سنة ١٨٧ للهجرة؛ وقد سطر الأولى وهو في النهروان سنة ١٥٦، والثامنة وهو في بحر تونس سنة ١٨٦، والتاسعة وهو في المشاعر المباركة سنة ١٨٦ أيضاً. أما الرسائل السبع الباقيات فقد كتبها وهو في بغداد

وقد لخصه من خمسة وثمانين تصنيفاً تعد بحق من أسمى المؤلفات العربية القديمة الباحثة في علوم الدين واللغة والبلدان والأخبار والأدب وغير ذلك. وما لابد من ذكره هو أنه لم يدون حقيقة أو يسطر قضية إلا اسندها في الحاشية إلى المرجع الذي أخذها عنه، وأشار إلى الصفحة في كل مرة ينقل من هاتيك المؤلفات الخمسة والثمانين التي ألمعنا إليها. وفي هذا من المشقة ما لا يدركه إلا الذين عانوا مثل هذا التلخيص في كتاباتهم

ومن يطالع هذا الكتاب، يدرك أن الغرض من وضعه إظهار طرف من مآثر العرب ومفاخر الإسلام أيام هارون الرشيد والبرامكة. فهو يكشف للقارئ ما كان عليه القوم من علوم وآداب وعادات ومتاجر في بغداد وغيرها من البلدان. أضف إلى ذلك انه موضوع على منوال رحلة لرحالة متفقه بالعلوم والآداب المعروفة في ذلك الزمن، فهو يصف المدن والمعابد والمشاهد والمباني والسفن والموانئ وهيئات الملوك والوزراء والعلماء والشعراء والمغنين وغيرهم من الرجال، ويبين ما كانت عليه طباعهم وميولهم وأفعالهم كما وصفهم الواصفون من أبناء زمانهم المعاصرين لهم

وفي الكتاب، من الفكاهات والنوادر والأخبار المحققة والآراء الصائبة، ما تقر به العين وترتاح إليه النفس، لأنه جاء فيها بألفاظ مستعذبة وعبارات بليغة

فهذه المزايا أهابت - على ما نظن - بوزارة المعارف المصرية الجليلة إلى طبعه وجعله كتاباً للمطالعة، ولنعم ما فعلت!

<<  <  ج:
ص:  >  >>