لهذا كله تصادف المؤلفات المصرية سوقاً رائجة في بلادنا
وأما متعهدو المؤلفات عندنا - أو المؤلفون أنفسهم - فإنهم لا يجدون ميلاً إلى إرسال مؤلفاتهم لعرضها في الأسواق المصرية خاصة، لأنهم مقتنعون أنها لن تحوز الرضى ولن تنفق سوقها، فيكون هذا داعيهم إلى الاجتزاء بعرضها في أسواقنا، وحسبهم ذلك
فالدعاوة التي ينيط الدكتور الفاضل بها رواج المؤلفات، ليس لها من التأثير أي قسط.
فلماذا إذن تصادف المؤلفات المصرية، وبالجملة الأدب المصري جواً موائماً في مصر نفسها قبل سوريا؟ ولماذا لا يصادف الأدب السوري هذا الجو نفسه في سوريا بَلْه مصر؟
أجل! لماذا يأنس قراؤنا - نحن السوريين - صَورْة إلى قراءة المؤلفات المصرية تفوق ميلهم إلى قراءة الكتب السورية حتى إنك لترى الكتب المصرية تحتل المركز الأول في أسواقنا؟
هذه أسئلة تتطلب أجوبتها صراحة وصدقاً لا تجامُل فيهما على جانب، ولا إشادة فيهما ولا إطراء لجانب آخر!
من الحمق ألا يعترف المرء أن من أسباب ذلك أن النتاج المصري أكثر فائدة وأكبر قسطاً في التفكير الحي، وأكثر طلاوة في الأسلوب، وأوفر جمالاً في ابتداع المعاني وخلق الطرائف، وأرهف إحساساً في تصوير العاطفة؛ وبالجملة: أن النتاج المصري أكثر نضوجاً. وهذه الظاهرة لا تخفى على أحد، ولا يحاول أن يبخس من حقها أحد، فمصر زعيمة البلاد العربية غير مُدافَعَة في مضمار النتاج الأدبي بكل ما ينتظم من فروع؛ وإن تكن مصر زعيمة البلاد العربية في الأدب، فليس بضائرها أن تلتفت إلى الحركات الأخرى. بيد أن الذي لا شك فيه أنه السبب الأساسي في رواج الأدب المصري، وفي كساد السوري - إلى حد - هو أن نتاج السوريين ضئيل، لا يقاس بوفرة نتاج المصريين وضخامته وغزارته
وآية ذلك أن أي أديب مصري شهير - في عرف المصريين والسوريين على السواء - لا تقل مؤلفاته عن العشرة. وأكثر هؤلاء الأدباء تربو مؤلفاتهم على ذلك بكثير أو قليل. وإنا إذا قلنا (أديب شهير) فإنما أعني أن مؤلفاته لا تجنح إلى الإسفاف أو الضعف، ولا تميل إلى التعقيد والغموض. وبجملة واحدة أن مؤلفاته معروفة مفيدة قيمة. ومن الطبيعي أن يقوَّم