للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتستعمل مجمرة تسمى (منقلاً) ويسميها العامة (منقداً) من النحاس المبيض بالقصدير ويحرق فيه البخور أحياناً. ويتلذذ المصريون بالعطور تلذذاً عظيما. وكثيراً ما يبخرون غرفهم، وأكثر المواد استعمالاً لهذا الغرض بخور من نوع رديء يسمى (بخور البز) ويستعمل كذلك الجاوي والعود.

وقلما يرى المصري ماشياً أبعد من عتبة داره إذا استطاع أن يقتني ركوبه أو يستأجر حماراً. ولكن القليل من أهل القاهرة والمدن الأخرى من يخاطر باقتناء جياد، معرضاً نفسه إلى الاشتباه في أنه يمتلك أموالاً زائدة تفرض عليها ضرائب ورسوم أشد مما كان سيتحملها بوجه آخر. وتحشى عدة الجواد الحديثة بالقطن وتغطي بالجوخ أو المخمل وتطرز أو تزخرف؛ ويزين اللجام عند الرأس والصدر بشراريب حريرية وقطع نقدية وغيرها من الزخارف الفضية. والعادة أن يركب البغال أغنياء التجار وكبار العلماء، وعدة البغال كعدة الحمير تقريباً وعندما يكون الراكب عالماً تغطي العدة بسجادة، وكذلك قد تكون العدة التي يستعملها النساء بالرغم من شدة الاختلاف بينهما. وتستعمل الحمير في شوارع القاهرة الضيقة المزدحمة. وهناك عدد كبير للكراء. واشتهرت القاهرة من زمن بجودة حميرها، فهي أكبر من حمير بلادنا وأفضل منها في كل ناحية. ويقدر ثمن الحمار الأصيل المدرب بحوالي ثلاثة جنيهات أو أربعة، وقد يزيد بعض الحمير على ثمن الجواد العادي. ويجهز الحمار بعدة محشوة يغطي مقدمها بالجلد الأحمر، ومقعدها بشرائط صوفية ناعمة، ويكون الركاب عالياً دائماً. ويتقدم الراكب خادم أو خادمان ليفسحا الطريق، ويحمل كل منهما (نبوتاً) قابضاً عليه من أسفل رافعاً إياه إلى أعلى. وقد يرافق الراكب للغاية نفسها خادم يجري بجانب الحمار أو أمامه صائحاً في المارة ليخلو الطريق يميناً أو شمالاً. ومع ذلك يجب أن يكون الراكب حذراً فلا يعتمد على خادمه كل الاعتماد لئلا تصرعه أحمال الجمل الكبيرة. وهذه الحوادث قد لا يكون مفر منها في شوارع القاهرة الأكثر ضيقاً والأشد ازدحاماً، وعندما ينزل السيد إلى منزل ما أو دكان ما يملأ الخادم له الشبك ويشعله ويقضي المصري أغلب وقته، إذا لم يكن له عمل منتظم يشغله في الركوب والزيارة، أو شراء حوائجه، أو في التدخين أو شرب القهوة كثيراً وعلى مهل، أو في التحدث مع الأصدقاء في المنزل، أو التنعم بترف الحمام ساعة أو أكثر صباحاً. وفي الظهر عليه أن يؤدي الصلاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>