وزينة بيوت، وأنهم في هذا اليوم يستقبلون عيد الحياة وهم مشردون في مجاهل الأرض ومساقط الموت لا يعرفون متى يصرعون ولا أين يقبرون. ثم يقول هذا الشباب الريَّق الريان لنفسه: أبعد الترتيب والتهذيب والعيش الناعم والأمل الباسم والغد المرجو نصير طحيناً لهذه الرحا الهائلة من غير سبب موجب إلا نزوة من نزوات الطيش، في رأس رجل من طلاب العيش؟!
أما الستة الذين يحاولون أن يقرروا مصير العالم على مشيئة الله أو على هوى الشيطان، فسيذكرون بمولد المسيح أشياء أُخَر: سيذكر هتلر بيلاطس وديقليانوس، والدتشي يهوذا ونيرون. وسيذكر رزفلت بولس، وتشرشل قسطنطين؛ أما استالين إن ذكر فسيذكر لوثر؛ وأما الميكادو فلا يذكره العيد معنى من حياة المسيح، ولا مغزى من تاريخ المسيحية؛ إنما يذكره تلك اللعب التي كان يقدمها إلى لهو الأطفال ليربح من ورائها القروش، فأصبح اليوم يقدمها إلى قتل الرجال ليربح من ورائها الممالك!
سبحانك ربَّ السموات والأرض! ما كان لنفس مؤمنة أن تحسبك تركت أمر هذا العالم لهؤلاء الحمقى من خَلقك.
لا جرم أن لك من هذه القارعة الصغرى حكمة تدق على بصيرة ابن آدم
إن مع القيامة نشوراً أكمل وحياة أفضل. كل نظام سنه ابن العاصي سيتغير، وكل قانون نزغ فيه الشيطان سيلغى. لن يبقى يا مولاي غير شرعك، ولن يدوم غير دينك
وكَلْت ابن آدم إلى نفسه فجرب قواه كلها في تدبير أمره وتسخير غيره، فما أنتج غير الاضطراب والخراب والفوضى.
تبجح بعلمه وتشريعه وفلسفته؛ وزعم أنه هيمن على الغريزة بقوة الخلق، وسيطر على الطبيعة بسلطان العلم، وتوهم أنه يستطيع بما كشف من الأسرار وذلل من القوى أن يصنع مفاتيح الغيب ويقتحم أبواب القدر؛ فلما ابتليته بتحقيق زعمه وتطبيق فهمه، تحرك في طبعه الطين الراسب، وتيقظ في نفسه الحيوان الراقد، وتألبت الأهواء على رأيه فاضطرب وتفرق، وتغلبت المطامع على جمعه فتنازع وتمزق!.
رباه إنا مؤمنون، وإنا مطمئنون! فأدام علينا نعمة الهداية، واكفنا شرّ هذه الغواية، واجعلنا الإدلاء على طريقك، والأمناء على حقك، حتى تنجلي هذه الغمة عن الدنيا، فيرجع إليك