منقولة أم هي منقولة من كلام تلتزم فيه الفصاحة وحركات الأعراب.
فهو إذن تشجيع للعامية في وطنها وليس بتشجيع للعامية في اللغات الأخرى، ومن هنا ينكشف سوء النية الذي أومأنا إليه.
فرأي فيما سأل عنه الأديب أن تغليب لغة الجهل كارثة على الأمة العربية وعلى العقل الإنساني لا تقل عن كارثة الفقر وسوء العيش، وإن علاج مسألة الفقر لن يتوقف في وجه من وجوهه على ترك الكلام الفصيح وتقديم الجهالة الكلامية، ولن يختلف الأمر هنا بين طب الأمراض البدنية وطب الأمراض الاجتماعية. فلا الطبيب مضطر إلى إهمال لغة الطب وهو يعالج مريضه، ولا المصلح الاجتماعي مضطر إلى إهمال لغة المعرفة وهو يعالج الفقر أو الجهالة، وليس ما يفهمه الفقير الجاهل من عبارات العامة بأكثر مما يفهمه من لغة الخاصة إذا كانت الصعوبة في الإدراك أو كانت الصعوبة في الموضوع. فلو نقلت أر سطو إلى أوضع اللهجات لما سهلت فهمه إلى أقل تسهيل، بل لملك تزيد الصعوبة بإقحام المعاني الرفيعة في لغة لم تتهيأ لتمثيلها منذ زمن بعيد.
ولنرحم الفقير الجاهل برفعه إلى طبقة اليسار والمعرفة، والتسوية بينه وبين من يفصحون ويفقهون
أما رحمته بإبقائه حيث هو في عمله وكلامه ومداركه فتلك هي القسوة التي لا يشيعها الرحماء.