ذاته لأنه عبارة عن تجارب روحانية تتحدى أية محاولة لتبريرها.
وقد انتقد يونج نظرية فرويد الأحلام والعقل الباطن لأنها لا تعترف بوجود اللاوعي الشامل. ثم قال: إن الوارثة فقط تستطيع أن تفسر التماثل العجيب بين الأقاصيص الدينية الأزلية من ناحية، وبين الأحلام والهواجس من ناحية أخرى. وإن اللاوعي الشامل لا يظهر أثره إلا عند حدوث ظروف غير عادية تطلق سراح نشاطه المستقل.
أختم المقال بحلم شاب في العشرين من العمر مشفوعاً بتعليق يونج عليه:
(رأيتني في كاتدرائية (لورد) وقد شملها جو قاتم غامض ونور خاب وتوسطتها بئر عميقة كان مفروضاً على أن أتوجه إليها)
ثم عقب الحالم على هذا بقوله:(إن لورد هذه بئر للاستشفاء، وقد رأيتها في الحلم بمناسبة تفكيري في السعي إلى العلاج)
(إن كلمة كاتدرائية تعيد إلى ذاكرتي كاتدرائية كولونيا التي أغرمت بها في صباي، وكثيراً ما كانت أمي تستصحبني إليها وتحدثني عنها)
هنا يصف المريض اختبارات مهمة في صباه تعرب بنوع خاص عن صلته الوثيقة بالأم. وهذه الصلة تنطوي على علاقة سرية غير واعية، وقد عبر عن هذه العلاقة تعبيراً قد يعتبر واعياً في شكل إبطاء في نمو أخلاقه وبقاء مظاهر من الطفولة فيه. وقد برزت فيه بعض خصائص الأنوثة كما يبدو من طريقة تعبيره، وكانت علته التي التمس الشفاء منها حبه الذكور حباً جنسياً
تكافح الشخصية في تطورها لكي تنفصل عن العلاقة الطفلية غير الواعية بالوالدين، ولا شيء يعوق النمو الأخلاقي أكثر من بقاء نفسية طفلية غير واعية.
وتأتي أول فرصة لانفصال عن الأم عن طريق إرضاء الغريزة باستبدال الأم بموضوع آخر يماثل الأم
وإنا نرى في حالة هذا الشاب أن بدواته الطفلية متعلقة برمز الكاتدرائية بسبب حاجته القوية غير الواعية إلى بديل عن الأم، وتمثل الكنيسة هنا بدلاً روحانياً عن الصلة الطبعية بالوالدين.
كان القدماء يحتفلون بسن البلوغ ففيهم الشاب أسرار قبيلته الدينية، وكان الاحتفال مصحوباً