تأتي على الحَلَق الماذيِّ ضربته ... ولا يقيم عليها البَيض واليلب
وللحاج كاظم الأزري مرثية من غرر الشعر تقتطف منها ما يلي
وضربة تتجلى من صوارمه ... كالشمس طالعة من جانبي نهر
كأن كل دلاص منهم بَرَد ... يرمى بجمر من الهندي مستعر
إذا انتضى بردة التشكيل تحسبه ... لاهوت قدس تردى هيكل البشر
صالوا وصلتَ ولكن أين منك همو ... النقش في الرمل غير النقش في الحجر
ما أنصفتك الضيا يا شمس دارتها ... إذ قابلتك بوجه غير مستتر
ولا رعتك القنا يا ليث غابتها ... إن لم تذب لحياء منك أو حذر
قد كنت في مشرق الدنيا ومغربها ... كالحمد لم تغن عنها سائر السور
أترى أن مثل هذا الشعر المتسامي في سبله ومتانته وجودة تراكيبه لا يعرف عنه أدباء الأمة العربية وبخاصة أدباء وادي النيل الذين منحهم الله الإحساس الأدبي والشعور الفني لمثل هذه القطع الأدبية والأساليب العربية التي تتجلى بهذا الشعر! وإذا كان هناك لوم يوجه إلى زمرة من الأدباء لأنهم أهملوا هذه الناحية الأدبية من الشعر.
فإلى أدباء العراق وحملة الأقلام فيه إذ أن الواجب الأدبي يحتم عليهم أن يعنوا بنشر أمثال هذا الشعر.
ولقد أذكر أنني قرأت كثيراً من هذا الشعر على نخبة من أدباء الأمة المصرية مثل الأستاذ هاشم عطية والأستاذ السباعي بيومي. ومما أذكره أن الأستاذ هاشم عطية قال لي بعد الانتهاء من قراءتي لهذا الشعر: إن هذا الشعر خلاصة تفكير أمة كاملة لا تفكير فرد. وإن مثل هذا الشاعر - ويعني السيد حيدر - لا يوجد في الأمة العربية مثله في كل وقت وحين؛ وإنما يجيء على رأس قرن أو قرنين. فالواجب عليك وعلى أدباء العراق الاتجاه نحو هذا المنجم الأدبي لتخرجوا منه لنا كتباً تكون خير متعة أدبية ولذة فنية.
ومن هنا عنيت بهذا الشعر ولعلي أخرج كتاباً فيه.
عبد الكريم الدجيل
المدرس بالثانوية العسكرية