من تنافس؛ وهو أعلم بما سينتجه تفاوت الناس في القدرة والحيلة من بغي الأقوياء على الضعفاء، وجور الأغنياء على الفقراء؛ فشرعه وهو الخبير البصير حقيق أن يكون حلاً حاسماً لمشكلات الحياة، وعلاجاً شافياً لأدواء المجتمع، ودستوراً جامعاً تنتظم عليه شؤون الأفراد وأحوال الأمم في كل أرض وفي كل عصر وفي كل جنس. أما تشريع الناس للناس فهو عرضة للنقص أو للخطأ من جهة الجهل أو من جهة الهوى أو من جهة التطبيق؛ وهو إن صلح لعصر لا يصلح لغيره، وإن أفاد في أمة لا يفيد في أخرى. فما بالنا ندَع حكم الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ثم نحكّم في أنفسنا وأموالنا وأحوالنا شرائع قد لا تتفق مع عقائدنا، ولا تأتلف مع عوائدنا، ولا تستطيع أن تحيط بما أحاط به الله من خفايا الصدور ومفاجآت الغيب؟!
لا يزكو بأهل القبلة أن يولوا وجوههم شطر المغرب يأخذون عنه من المذاهب والنظم والتقاليد ما أضَّل به أهله. إنما النور في الشرق مطلع الأديان، والهدى في شريعة الله مُنزل القرآن، والدليل في سنة الرسول صاحب الهجرة، والسبيل ما سلكه السلف الصالح فأوفى بهم على الغاية.
والرجاء في مولانا الفاروق أعز الله ملكه أن يبني إصلاح الأمة على قواعد الدين، وأن يُجري قضاء الحكومة على شريعة الله، فهو بما آتاه الله من العلم والحكمة والسلطان أحق بأن يبدأ للأمة الإسلامية هذا التاريخ الجديد.
أسأل الله ولي المؤمنين وأحكم الحاكمين أن يسدّد خطانا في الطريق المستقيم، وأن يكشف عنا وعن الناس هذا الكرب العظيم.