للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صحابته، وأفتنهم في دينهم، لا أرعوي ولا أستقر؛ ومضت الأيام وأنا احتدم احتداماً لا تهدأ لي ثورة ولا ينطفئ غل

(ماذا عساه يبتغي؟ لعمري إن أمر هذا الرجل لعجيب

(الله! نعم، الله!)

وصمت الرجل برهة من زمان يتأمل. . . ثم ثاب إلى نفسه يحدثها مرة أخرى:

(ثم. . . ثم ما اللات والعزى، وما مناة الثالثة الأخرى؟ أفليست بعض هذه الصخور المنثورة حوالي عاثت بها يد إنسان فصورتها آلهة تعبد؟ أفحقاً أن الله يسكنها فيدبر الأمر من ورائها على حين هي ذرات في هذا العالم اللانهائي لا حول لها ولا طول؟ يا لشد جهلي! أاسجد وأقوم واعبد وأقدم القرابين لمثل هذه الصخرة الواهية؟ وما إساف ونائلة؟ أفكانا غير رجل وامرأة أحدثا في الكعبة فمسخهما الله فاتخذناهما إلهين؟

(ليت شعري أين العقل والحكمة؟

(ليتني أستطيع أن أنزل عن كبريائي فأرجع بهذا الناس، فمالي بقتله من أرب، وأذر الرجل يناجي ربه ويعبده ويتهجد له ما شاء، وينشر دينه أنى شاء وكيف شاء! ليته يعبد آلهتنا فنعبد إلهه، ونرجع سيرتنا الأولى قبل أن تستيطر عليه هذه الأخيلة. . . ليتني وليته. . . ولكن؟

(ولكن أفننتظم تحت رايته وما هو بشيء؟ فو الله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه فيكون له الشرف والملك علينا، ونكون نحن في دولته كبعض أراذلنا

(آه لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم!)

وراح الرجل في ضمير الليل يحدث عقله حديث الفيلسوف قد ضربه الشك فلا يستطيع أن يرى الضلالة التي تردى فيها. وخشي الشيطان غب الأمر فصاح من أقصى الأفق صيحة صكت مسمعي الرجل فانتزعته من خواطره، ودوى صوت الشيطان يبدد أخيلته ويطم على ضميره ويناديه بأن ستكون لكم الغلبة فأفق من غرات الشك والتخاذل. غداً تهدأ الثائرة، وينطوي تاريخ هذا الرجل، وتكون أنت. . . أنت يا أبا الحكم السيد المطاع

وهب الرجل من مكانه يجر درعه، في هدأة الليل، صوب مضجعه وقد سكنت كل نأمة. . . ذهب إلى مضجعه لينام فألفى الشيطان هناك ينتظره ليحدثه حديث الكفر والفسوق حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>