للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ويبلغ نعي رسول الله أسامة بالجرف، فيهبط وجيشه إلى المدينة ويركز لواءه بباب عائشة. . . ثم تتعاقب الأحداث، ويلي أبو بكر الخلافة، ويعود الناس إلى حديثهم عن إمرة أسامة. . . لقد مات الرسول فما ضرهم لو عاودوا الأمر على أبي بكر لعله يلين حيث صَلُبَ النبيَّ، ويولي أمرهم رجلاً أقدم سناً

ويجتمع الأنصار ويحملون رسالتهم عمر بن الخطاب ويقولون له: (أطلب إلى خليفة المسلمين أن يولّيَ أمرنا رجلاً اقدم سناً من أسامة). ولعل عمر كان يجاريهم هذا الرأي. لعله كان يشق عليه وهو الذي قدمه أبو بكر للخلافة بعد رسول الله في اجتماع السقيفة أن يتأمَّر عليه شاب حدث لم يكن له مثل جهاده في الدين. لعل ذلك جال في ذهن عمر لأنه سارع يحمل الرسالة إلى أبي بكر

ويصل عمر بالرسالة ويبلغها أبا بكر فيغضب أبو بكر ويقول: - (ثكلتك أمك يا أبن الخطاب. . . استأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وتأمر أن أنزعه. . .) ثم يقوم الخليفة الشيخ ويأمر بإنفاذ الجيش، ويخرج يستنهض الناس، حتى إذا تم جهاز الجيش سار يشيعه وهو ماش وأسامة راكب. فيعز على أسامة أن يسير خليفة المسلمين - وهو إذ ذاك شيخ في الستين - وهو راكب إلى جواره فيقول له: (يا خليفة رسول الله والله لتركبن أو لأنزلن). فيرد أبو بكر: (والله لا تنزل ووالله لا اركب، وما عليَّ إلا أن أغبرَّ قدميَّ في سبيل الله ساعة فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة تكتب له وسبعمائة معصية ترفع عنه)

ويخرج الجيش إلى الصحراء، وهنالك يدعو له أبو بكر ويطلب إلى إسامة أن يأذن لعمر في البقاء ليشير عليه فيأذن أسامة ويسير الجيش على بركة الله ورعايته

تُرى هل يحقق أسامة ثقة النبي به؟ ترى هل يفلح حيث أخفق أبوه وثلاثة من خيرة قواد المسلمين؟ ترى هل يقهر عدواً لم يقهره أحد من أهل زمانه؟ ترى هل يقطع ألسنة المجادلين المكابرين القليلي الثقة به وبالشباب؟ ترى هل يرفع رأس شباب الإسلام، ويمهد له الاضطلاع بما يثقل من الأعباء؟

تعاقبت شهور وأيام. . .

فمن ذلك العائد إلى المدينة يتخطَّر على ظهر جواده؟ ولمن هذا الجيش المقبل وقد عقد من

<<  <  ج:
ص:  >  >>