للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هنا أدرك آدم أن السر يرجع إلى النمو الملحوظ في جسده وجسد حواء، وأيقن أن اضطرام الأجسام يصنع ما تعجز عنه ألوف الأباليس. . . وهل تنجح الغزوات الخارجية إن لم تصادف قبولاً من الأهواء الداخلية؟

وزاد في اقتناع آدم بهذه النظرية ما كان يلاحظ على فصائل الطير والحيوان؛ فقد كان يشاهد أنها لينة رفيقة في أول عهدها بالوجود، ثم تغلب عليها القسوة والشراسة حين تصير إلى النضج والاستحصاد!

وإذن؟ وإذن يكون تطور الفاعلية الجسدية مصدر التطور في الفاعلية العقلية!

ثم؟

ثم يكون في كل تطور جديد إبليس جديد

وعلى هذا يكون لحواء في طغيانها عذر مقبول

وما ذنب حواء؟ ما ذنبها وقد استحالت إلى دوافع ونوازع وأهواء؟

نظرت مرة إلى نهر الكوثر في لحظة سكون فرأت خيال وجهها الجميل وقد استدار في هالة من السحر والفتون، فقدرت أن سيكون لها تاريخ، وعجبت من أن يتعامى آدم عن حسنها الفتان، كأنها تجهل أن آدم صار ألعوبة في زمامها المخبول

وخلاصة ما قرأت في كتاب شيت أن آدم لا يقيم وزناً لنزعات إبليس، وإنما يرى أن الجسد هو الأصل، وأن ألفافه مكونة من أباليس، وأن ثمر الشجرة المحرمة قد يزيده فورةً إلى فورة، وجموحاً إلى جموح

وهل غاب عن آدم أن ثمرات التين سريعة العطب والفساد؟

لقد تأملها مرة ومرتين ومرات، فعرف أنها معرضة لأخطر الجراثيم، وأدرك أن سمها قد يؤرت ما في الأجسام من السم المكنون فتستشري وتهتاج

وإذا كان آدم عجز عن رياضة حواء وهي صحيحة، فكيف يروضها وهي مريضة؟

خطرت لآدم هذه الخواطر وهو يبحث عن السر في تمرد حواء. . . لقد كانت طفلةً وديعة، فكيف صارت امرأةً خبيثة؟ تطور الجسد صنع بها ما صنع، فأمست وهي أخطر من الحية النضناض، ولن يكون إبليس بأمكر من حواء، بعد أن تبلغ مبلغ النساء

وكان آدم يعرف أنه يحمل الجانب الأخطر من المسئولية؛ فهو السبب الأصيل في تمرد

<<  <  ج:
ص:  >  >>