للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عصر بلغ الشعر فيه آية الجودة لا يتخذ دليلاً على سنة التطور والارتقاء، وإلا لصح لنا أن نتخذ من محاولات المبتدئين في عصرنا هذا دليلاً كذلك على كيفية نشأة الشعر الأولى، وأحسب الأستاذ يرفضه رفضاً جازماً

٢ - سبق عبيدا شعراء كثر خلا شعرهم من ك اضطراب في الوزن والقافية من أمثال دويد بن زيد القضاعي والأفوه الأودي من أصحاب المقطعات، والمهلهل بن ربيعة والحرث بن عباد من أصحاب المطولات

٣ - لم يكن عبيد شاعر الطبيعة، فشارحو المعلقات يروون عنه (أن أحد بني ثعلبة هجاه مقذعاً فابتهل عبيد إلى الله بقوله: (اللهم إن كان هذا ظلمني ورماني بالبهتان فأدلني منه)، ثم نام ولم يكن قبل ذلك يقول شعراً فأتاه آت في المنام بكبة من شعر حتى ألقاها في فيه فقام ترتجف هاجيا بني ثعلبة) الشك في القصة لا يرقى إلى أنه لم يكن شاعراً سليقياً، وهذا الجاحظ يستضئل آثاره فيقول: (إن عبيدا وطرفة دون ما قال عنهما إن كان شعرهما ما في يد الناس فقط)

٤ - اتخاذ عبيد وعلقمة دليلاً على تطور الشعر يقرب نشأة الشعر عند العرب ويظهرهم أمة جامدة العواطف متحجرة المشاعر آماداً طويلة وهو ما لم يزعمه غير العربي، فضلاً عن العربي المنافح عنها

٥ - لأن نتخذ عدم قيام دليل أدبي لتطور الشعر حجة على أقدميته وبعد نشأته أشرف للغة العربية وديوانها من تلمس أدلة لا تقوم على دعائم قويمة؛ لأنه ليس هناك من يشك في أن الشعر ككل أثر أدبي أو علمي مرت عليه أحقاب وآماد حبا فيها وخطا ينهض حيناً ويكبوا حيناً حتى نما واستحصد وصار فناً له قواعد وقوانين، وابن خذام الذي ورد في قول امريء القيس:

عوجاً على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن خذام

شخصية مجهولة للقدامى لإيغالها في البعد

٦ - لا يغض من قيمة الأدب الجاهلي أنه لم يقيد؛ لأن الأمة كانت تحيا حياة فطرية فهي تعتمد في أدبها على حوافظها وصدورها لا على كتبها ومدوناتها، والشاكون في الشعر الجاهلي لا يشكون فيه جملة وإنما يساورهم الشك في بعضه، ولعل قصيدة عبيد هذه من

<<  <  ج:
ص:  >  >>