- لا عليك من هؤلاء، فلن يسمع أحدٌ ما يأفكون. . . وهل ضعُفت العقول حتى تُسيغ أقاويل المرجفين؟
- لو كانت العقول تَنقُد كل ما تسمع، وفي كل وقت، لرجوتُ أن تسقط أراجيف الكاذبين، ولكن العقول لا تَنقُد كل ما تسمع، ولا تنصب ميزاناً لكل ما يقال، وسترين يا حواء أن أصحاب العقول أقلية ضئيلة، وهم مع ذلك لا يشغلون أنفسهم بإنصاف المظلومين، وليس فيهم من يترك أعماله ليرفع الشبهات المفترات من طريق المروَّعين بالبهتان
- ألم تسمع أن الأسود غضبت من تطاول القرود؟
- سمعتّ، ولكني أعتقد أنها غضبة وقتية، فستجد للأسود شواغل تصرفهم عن تأديب أولئك الأنذال
- وقد غضبت البلابل أيضاً
- أعرف ذلك، فقد سمعتها تقول إن آدم هو المخلوق الوحيد الذي يطرب لصوتها الرخيم، وأنه إن خرج من الجنة فلن تهشّ للتغريد. . . ولكن من يضمن أن يدوم هذا العطف؟ نحن شجّعنا البلابل والعنادل على الغناء، وأقمنا لهم دولة، ونبهّنا الخلائق إلى ما يملكون من جواهر السجع والرنين. فهل يذكرون هذا الفضل بعد أن نخرج من الفردوس؟ أنا أخشى أن تصفق لهم الضفادع فيرون النقيق من صور الثناء!
- هل بلغك ما قالت الببغاوات؟
- نعم سمعت أنها قالت (إن مخارج الحروف عند آدم سهلةٌ لينة، وأنها تحاكيه في النطق بلا عناء، فهو بذلك أجمل مخلوق) وأنا من هذا أخاف يا حواء