مرة؛ إلا أن أحد المارين حذرني ملاحظاً أن الرجل وليّ، وأن عليّ أن أحترمه وأن أمنحه ما يريد حتى لا تصيبني مصيبة. ويتعيش رجال هذه الطبقة على الصدقات التي كثيراً ما يتناولونها دون سؤال. ويسمى القديس المشهور (شيخ) أو (مرابط) أو (ولي)، ويسمى أيضاً على الأصح إذا كان به بله أو جنون أو خَبل (مجذوب) أو (مسلوب). وتطلق عبارة (ولي) بدقة على القديس التقي السامي فقط ومعناها المختار. إلا أنها تطلق عامة على البُله أو المتبالهين، حتى أن بعض الأذكياء جعلوا لفظ الولي معادلاً للفظ (بليد)، ملاحظين أن تينك العبارتين متساويتا المعنى والقيمة العددية للحروف المكونة لكل منها. إذ أن (ولي) مكونة من الواو واللام والياء، وقيمة كل على التوالي ٦، ٣٠، ١٠ أي ٤٦ و (بليد) مكونة من الباء واللام والياء والدال وهي على التوالي ٢، ٣٠، ١٠، ٤، وجموعها ٤٦، وكثيراً ما يسمى الغبي ولياً للدعابة.
ويعتقد مسلمو مصر وغيرها من البلدان اعتقادات باطلة عجيبة بالأولياء. وقد حاولت أن أستفهم عن أكثر هذه الاعتقادات غموضاً فكان الرد علي:(إنك تتدخل في أمور (الطريقة)) أي منهج الدراويش الديني. إلا أنني وقفت على كثير من الآراء العامة في هذه الموضوعات. وأظن أن ذلك هو كل ما يطلب تقريره في كتاب مثل هذا. وسأسرد مع ذلك أقوال بعض المتعلمين والدراويش فيما يتعلق ببيان إيمان العامة
وكل من يرتاب في وجود الأولياء يُرمى بالمروق ويتلى للحكم عليه نص القرآن:(ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). ويعتبر هذا النص كافياً للدلالة على أن هناك طبقة من الأفراد متميزة على البشر العاديين. وقد نتساءل من هم هؤلاء الأشخاص أو ما حالهم؟ والرد على ذلك أنهم أشخاص قصروا أنفسهم على عبادة الله واحتفظوا بإيمان صادق، ومن الله عليهم بالقدرة على فعل الكرمات تبعاً لقوة إيمانهم
يسمى أقدس الأولياء (قطباً)، ويحمل هذا اللقب - على رأى بعضهم - رجلان، ويقول البعض الآخر أربعة. وتعني عبارة (قطب) محوراً، ومن ثم أطلقت هذه الكلمة على الولي الذي يثق به الناس ويتبعونه، ويطلق هذا اللفظ للسبب نفسه على الحكام الزمنيين أو السادة الإجلاء. وقد أخبرت أن الرأي القائل بأربعة أقطاب خطأ شائع، أصله توالي ذكر عبارة (الأقطاب الأربعة) التي تشير إلى أشهر مؤسسي الطرق الصوفية الرفاعية والقادرية