كان الينبوع يعرف أنه فكرة نقية طاهرة، وأنه لن يسيل فوق الرمال إلا كما يسيل القلم النبيل فوق الأوراق، فما بلاؤه بهذه الوجوه السود في ليلة سوداء؟
أيكون هؤلاء مصريين؟
أيكونون أجانب؟
وما خوف أولئك وهؤلاء من ينبوع سيمحو عللهم الدفينة بلا تفريق بين هذه الديانة أو تلك، وبلا تميز بين هذا الجنس أو ذاك؟
طب. طب، طب!
ما هذا؟ ما هذا؟
تلك أكياس الأسمنت تلقى بغلظة وبوحشية في ثغر الينبوع لتصده عن الابتسام لجمال الوجود
وينظر الينبوع فيرى الرمال أضعف من أن تحميه، ويرى الأمة في غفلة عن قيمته الذاتية، ويرى الحكومة تنتظر آراء الخبراء، لتقرر حراسته من بغي الأعداء، وذلك لا يتم إلا بعد أسابيع طوال!
فماذا يصنع؟
أيخضع ويستكين إلى أن يظفر بتقرير المصير؟
وكيف وفيه قوة عارمة تذيب الألوف من أكياس الأسمنت؟ الرأي أن يدفع الينبوع تلك الأكياس، وأن يهدد بالغرق من ينزلون لتثبيت تلك الأكياس، فكان الينبوع ما أراد
فإذا سمعتم أن خلائق ماتت بلا علة فاعرفوا أنها تعرضت لطمر ذلك الينبوع النفيس في تلك الليلة الظلماء
وإن سمعتم أن ذلك الينبوع لم ينقطع عن الغناء، فاعلموا أنه موصول الأواصر بوحي السماء
ولكن ما الموجب للحديث عن ينبوع حلوان في هذا الوقت؟