قرأت الشعر الذي أورده الأستاذ الفاضل عبد الله مخلص منسوباً إلى السلطان سليم العثماني؛ وأنا لا أجزم بتزوير هذا الشعر على السلطان؛ ولكني أقول: إنه (تخميس) لقصيدة في الغزل، من تلك (التخميسات) التي لهج بها شعراء العصر التركي. ويستطيع القارئ أن يستخرج القصيدة الأصلية من ثنايا الشعر، وأولها:
قمرٌ يصول ولا وصول إليه ... جرحَ الفؤاد بصارمي لحظَيه
فيجدها ملتئمة اللفظ، متسقة المعنى، بعد حذف هذه الإضافات الظاهرة بها، والتي استوجبها فن (التخميس)
فهل ينسب للسلطان أصل القصيدة أم تخميسها؟ أم هو صاحب الأصل والتخميس معاً؟ ذلك ما نسأل عنه الأستاذ المخلص على أن السلطان سليم لم يشهر بإجادته اللغة العربية، فضلاً عن نظمه الشعر فيها؛ وإن كان بعض المصادر يشير في معرض الحديث عنه إلى كثرة مطالعته للتواريخ وتفرسه في اللغتين: الفارسية والرومي (أخبار الأول للاسحاقي)
فإذا أضفنا إلى ذلك شهرة هذا السلطان التي قد تغري بعض الشعراء بنظم أشعار ينسبونها إليه، ويذكرون فيها (الملك والسلطان) تمويهاً على الرواة والناقلين - جاز لنا أن نشك في نسبة هذه القصيدة إليه، كما نشك فيما يذكرونه من أنه خط بيده على مقياس الروضة - حيث كان ينزل أثناء مقامه بمصر - هذين البيتين، وهما:
الملك لله، من يظفر بنيل مني ... يُردّ فقراً وينزلْ بعده الدركا
لو كان لي أو لغيري قدر أنملةٍ ... فوق التراب لصار الأمر مشتركا!
ولا يبعد أن يكون هذا من قبيل ما ينسب من الشعر إلى (آدم) أبي البشر، والى إبليس وبعض (الهواتف) من الجان. . . مما كان يتخطفه الرواة والناسخون، لطرفة مصدره، وغرابة مخبره