وتعنفني بالتكدير والتهديد؛ فلم أزد إلا نفوراً، وعن صنعة التطريز قصوراً)
وعلى نقيض ذلك كان والدها يشجعها على دراسة الأدب وممارسته:(فبادر والدي تغمَّد الله بالغفران ثراه وقال لها: دعي هذه الطفيلة للقرطاس والقلم)
وقد كررت الإشارة إلى تشجيع والدها بصورة أوضح في مقدمة ديوانها التركي الفارسي، فوضعت على لسانه وهو يخاطب والدتها العبارات التالية:
(ما دامت ابنتنا ميّالة بطبعها إلى المحابر والأوراق، فلا تقفي في سبيل ميلها ورغبتها، وتعالي نتقاسم بنتينا: فخذي (عفت) وأعطني (عصمت)؛ وإذا كان لي من (عصمت) كاتبة وشاعرة، فسيكون ذلك مجلبة الرحمة لي بعد مماتي).
وقد تحقق رجاء إسماعيل باشا تيمور، فكانت (عصمت) مجلبة رحمة له، بل ومجلبة شهرة وفخر كذلك
وتزوجت (عائشة) باكراً جداً في الرابعة عشرة (١٨٥٤ - ١٢٧١) من محمد بك توفيق الاسلامبولي، ورزقت منه بـ (محمود) و (توحيدة)، غير أنها رزئت بفقد هذه الأخيرة قبل أن تتجاوز الربيع الثامن عشر، فبكتها أحر بكاء، إلى أن كلَّ بصرها، وأصيبت برمد شديد لبث يختلف عليها إلى آخر حياتها
وقد رثت (توحيدة) بقصيدة رائعة، مطلعها:
إن سال من غرب العيون بحور ... فالدهر باغ والزمان غدور
وربما كان أجود ما فيها البيت التالي:
لو بث حزني في الورى لم يلتفت ... لمصاب قيس، والمصاب كثير
وقد جمع شعرها العربي في ديوان (حلية الطراز) كما جمع شعرها التركي والفارسي في ديوان (شكوفه). ومن آثارها النثرية مجموعة قصص على نمط (ألف ليلة وليلة) دعتها (نتائج الأحوال في الأقوال والأفعال)، وأبحاث اجتماعية معروفة ب (مرآة التأمل في الأمور)
ويتسم شعرها بالنزوع إلى القديم نزوعاً قوياً، ولا سيما في تشبيهاته واستعاراته وكناياته، فاللحاظ سيوف، والخدود ورود، والقدود غصون، والأسنان درر، وباب الممدوح كعبة أولى السجود، وليس الممدوح سوى كوكب يتألق في سماء العز والمجد، أو بدر يلمع في ليالي