أَرَاكِ فَيَهْتَاجُ اْلأَسَى في سَريرَتِي ... كَمَا هَاجَتْ الذِّكْرَى بِنَفْسٍ حَزِينَة
بِعَيْنَيْكِ مَعْنىً لَسْتُ بَالِغَ سِرِّهِ ... وَلَوْ قَادَ نُورُ الْغَيْبِ أَسْرَارَ نَظْرَتِي
رَحِيقٌ بِكأْسٍ؟ أم سُكُونٌ بِوَاحَةٍ؟ ... وَرُؤْيَا بِفَجْرٍ؟ أم صَلاَةٌ بِكَعْبَةِ؟
وَفِي وَجْهِكِ النَّشْوَانِ عِطْرُ صَبَابَةٍ ... يُذَكِّرُ أَحْلاَمِي بِطُهْرِ النُّبُوَّةِ
وَصَوْتُكِ أم ذِكْرَى حَنِينٍ مُرَجَّعٍ ... يُدَنْدِنُ فِي قَلْبٍ غَرِيبٍ مُشَتَّتِ؟
أُحِسُّ بِهِ فِي كُلِّ فَجٍ بِخَاطِرِي ... صَدَى قُبْلةٍ حَيْرَى إلَيَّ تَهَادَت
رَفِيفٌ بأَيْكٍ؟ أمْ نَشِيدُ عَلَى فَمٍ ... إِلَى الْيَوْمِ لَمْ يَخْفِقْ صَدَاهُ بِنَبْرَةِ؟
سَرَقْتِ حَيَاةَ الْمَوْجِ، طَوْراً وَدِيعَةُ ... كَحُلْمٍ حَزِينٍ، أو تَبَسُّمِ طِفْلَةِ
وَطَوْراً هَدِيرُ الْبَحْرِ مِنْكِ ارْتِعَاشُهُ ... كأَنَّكِ بَحْرٌ مِنْ شَبَابٍ وَفِتْنَةِ!
وَصَدْرُكِ لَوْ يَدْرِي الْهَوَى وَهْوَ قَاتِلِي ... أَمَانٌ لِرُوحِيِ مِنْ رِيَاحِ الْمَنَّيةِ
نَشيدٌ بِهِ لْحَنَانِ مِنْ قَلْبِ مِزْهَرٍ ... يَدُ اللهِ كاَنَتْ فِيهِ أَقْدَسَ رِيشَةِ
وَطَيْرَانِ فِي أَيْكٍ زَوَى الْخُلْدُ عِطْرَهُ ... فَحُرِّمَ لاَ يَسْرِي بِهِ طَيْفُ نَسْمَةِ
وَحُلْمَانِ. . . لَكِنْ مِنْ لَهِيبٍ وَنَشْوَةٍ ... غَرِيقَانِ فِي الرُّؤْيَا بِأَطْهَرِ غَفْوَةِ!
وَذَاتُكِ فَجْرٌ فِي لَيَالِيَّ هَائمٌ ... يُبَارِك باْلأَنْوَارِ مِحْرَابَ عُزْلَتِي
تنزَّهَ عَنْ قَيْدِ الزَّمَانِ، فَعُمْرُهُ ... خُلُودٌ مُضِيءٌ فِي الضُّحَى وَالْعَشِيَّةِ
وَثَغْرُكِ يَا وَحْيَ اْلأَنَاشِيِد رَحْمَتِي ... إِذَا ظَمَأُ اْلإلْهَامِ أَشْعَلَ غُلَّتِي
غِنَائي، وَخَمْرِي، وِانْتِعَاشِي، وَسَكْرَتِي ... وَسِحْرِي، وَشِعْرِي، وَابِتَهالِي، وَسَجْدَتِي
تَمَنَّعَ حَتَّى كاَدَ لَوْ خَطَرَتْ بِهِ ... بَنَانُكِ يِسْقِيهَا عِتَابَ الْقَدَاسَةِ!
كأَنِّي بِهِ نَبْعٌ مِنَ النُّوِر وَالْهَوَى ... تَخَّيرَ لِلْحِرْمَانِ أَمْنَعَ ذِرْوَةِ
هَبِيِنِي شُعاَعاً فِي الضُّحَى رَفَّ حَوْلَهُ ... وَصَلَّى وَلاقَى اللهُ فِي خَيْرِ بُقْعَةِ. . .
سَلاَماً نَجِىَّ الرُّوحِ يَا طَيْفَ رُوحِها ... إذا هِيَ أَشْقَاها هَوَانَا فَمَلَّتِ
تَظَلُّ تُصَافِيني إذا صَدَّ نُورُها ... وَتَحْنُو إذا ازْوَرَّتْ دَلالاً وَتَاهَتِ
أُرِيدُ لأِنْسَاها. . . فأَلقَاكَ في دَمِي ... نَبِيّاً مِنَ الذِّكْرَى عَتِيَّ الرَّسَالِة
تُشَعْشِعُ بِاْلأَحْلاَمِ رُوحِي وَفي الْكَرَي ... تُفَجِّرُ مُوسِيقَا الْحَنَانِ الشَّجِيَّةِ. . .
سَلاَماً حَبِيبَ الرُّوحِ. . . يَا طَيْفَ رُوحِها ... أَغِثْ شَجَنِي، وَارْحَمْ شَبَابِي وَعَلَّتِي!