للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وكرهه، يرتجف الناس خوفاً من غضباته وعنف هياجه، فهو شديد التقلب في سلوكه دون مقدمات ولا سابقة إنذار. وهو إما راتع في الفرح أو غارق في الهم

وتقترن بهذه الثروة الكبيرة من الانفعالات صفة الصلابة والعناد وعدم المبالاة التي تدعو الهستيري إلى الاختيال على جثث الموتى، وقد ارتسمت على فمه ابتسامة. أما السبب الذي يفسر هذا السلوك المتناقض المتنافر، فهو عدم التناسب بين الانفعال والتعبير عنه.

٥ - لا يفكر الهستيري إلا في نفسه. وإن تقديره المبالغ فيه لنفسه متعطش دائماً إلى الإقرار والتثبيت، ويسره دائماً أن تتجه أنظار جميع الناس إليه. أما أمانيه فلن تقف عند حد.

ومما يحدوه إلى المجازفات، التنقيب عن كل شيء يمتاز به على الآخرين. وهو يعرف جيداً كيف يتحكم في بيئته ليكون طاغيتها بكل الوسائل الماثلة لديه.

ومن الطرق التي يلجأ إليها الهستيري في كفاحه لنيل تقدير الجماهير إنكار الذات (ظاهراً) والفدائية، واستعذاب العذاب في سبيل تحقيق المبادئ السامية، وهو يتشدق بأنه يضحي بنفسه في سبيل مساعدة الفقراء وخلاص المعوزين، وبأن حياته رهينة كل غاية تفيد الإنسانية، فليعترف له جميع الناس بفضله وتضحيته. وما حب الهستيري للعذاب إلا لكسب أهمية خاصة في أعين الناس. على أنه يلذ له أن يكون غامضاً غير مفهوم.

٦ - يمتاز الهستيري بقوة فائقة على انتحال أعراض المرضى الآخرين وبإطالة مرضه عن طريق الإيحاء الذاتي - ويفيض سيل وحيه على الأشخاص الموالين له أو المقرين إليه.

وإن النفوذ الذي يستمتع به الهستيريون والجاذبية الشخصية التي تقود إليهم الناس أفواجاً مبنية على طبيعة قوة إيحائهم.

٧ - على الرغم من وفرة الانفعالات السطحية تظل الغرائز الطبعية في سبات عميق؛ فالهستيري لا يبالي الجوع والتعب والأرق وحرمان غريزته الجنسية من الاستمتاع؛ فهو إما أن يكبتها أو يدعها تتخذ مظهراً شاذاً. وكثيراً ما يلجأ الهستيري إلى التهديد بالانتحار، وهذا يدل على المستوى الأدبي الدنيء الذي انحطت إليه شخصيته.

دكتور محمد حسني ولاية

<<  <  ج:
ص:  >  >>