عالم الذرة الذي انحصر في أصغر جزء من المادة عالم زاخر مملوء بالرؤى والأخيلة الواسعة. وهو معقد بشكل لا نستطيع معه أن نلم بدقائقه فلنرسم لهذا العالم صورة خاطفة سريعة لتفي بغرضنا الذي نتوخاه
الذرة نظام شمسي، النواة فيها تقوم مقام الشمس، والكهارب (الإلكترونات) تمثل دور السيارات، فتدور حول النواة بسرعة غريبة جداً، وتدور كالسارات في أفلاك أهلجية وربما في أفلاك دائرية، ولكن لا ضابط لهذا الدوران، فأنت لا تستطيع أن تعرف مكان الكهيرب وسرعته في آن واحد، كما تستطيع أن تحسب مكان الأرض مثلاً وسرعتها بحيث تتنبأ بوقت خسوف أو كسوف لأقل من عشر الثانية. أقول لا تستطيع أن تعرف سرعة الكهيرب ومكانه في آن واحد؛ فإن عرفت السرعة تعذر تعيين المكان، وإن عرفت المكان تعذر تعيين السرعة. ومن هنا تسرب إلى العلم الحديث مبدأ عدم التثبت أو مبدأ الاحتمال. فلا تزيد القوانين الطبيعية - التي كان العلماء يتشدقون بدقتها وضبطها وأحكامها - أن تكون احتمالات كبيرة فحسب. واضطر العلماء إلى رسم صورة جديدة لذرة بوهر التي نصفها. وتم التعديل على يدي العالمين شرودنجر وهيزنبرج
الذرة متعادلة كهربائياً. قطر البروتون أقل جداً من قطر الذرة، فيكاد يكون الفراغ في الذرة قدر المادة (١٠٠. ٠٠٠) مرة وعل ضوء هذه الحقيقة سريعاً ما نحكم أن المادة بصورتها المألوفة فراغ كبير، فلو خطر ببالك أن تزيل الفراغ بين (١٠٠) طن من القمح مثلاً لوفرت على نفسك المخزن المتسع الذي يتطلبه هذا الحجم الكبير، ولما شغل الباقي من المادة أكثر من قبضة يدك وأستطيع أن أضع في يدي مليون طن من المادة المحشوكة حشك النواة في الذرة
أبسط الذرات ذرة الهيدروجين؛ فهناك كهيرب واحد يدور حول بروتون واحد، وهو يدور على أبعاد مختلفة من النواة تتناسب مع مربعات الأعداد البسيطة أعني ١، ٤، ٩، ١٦ الخ. . . يكون مرة في الفلك الأول، ثم يقفز إلى الثاني فالرابع، ثم إلى آخر، ثم يعود وهكذا. فإذا ما امتص الكهيرب قدراً من الطاقة تهيج وتفلت من المدار الذي يدور فيه وقفز إلى مدار أبعد، ومقدار هذا البعد يعتمد على مقدار الطاقة التي امتصها
وإذا سقط من مدار أبعد إلى آخر أقرب منه أطلق إشعاعاً خاصاً يدلك على المسافة التي