كهذه وفي جانب العدالة أقوى مما لو كان في حالة الهدوء الطبيعية السابقة.
كذلك لو وجدنا إمضاء مطابقة للأخرى في حجمها وشكلها وأبعادها حينئذ تعتبر إحداهما مزورة بلا نزاع.
ولا يمكن إعطاء تقارير عن صورة فوتوغرافية، ولا بد أن نلفت حماة العدالة إلى هذا، إذ كثيراً ما ينطوي تحته أمور أقل ما فيها وضع لثام كثيف على عيوب وجنايات تهضم بها الحقوق، فيجب ألا تعتبر الصور الفوتوغرافية، بل يلزم أن يجري التطبيق على نفس الأوراق الأصلية المطعون فيها مهما كانت الأسباب.
أما التزوير، فخير ما يقدم في موضعه الرجوع إلى ما ذكره غير واحد من أولئكم الفقهاء وهو قولهم أن كل فرد يستوحي غريزته حين العمل مهما كانت حاذفاً في مزاولته جريمته، ولا بد من أن تطل غريزته من إحدى جزيئات أعماله، فالكاتب الذي يبتدئ السطر أو الكلمة أو الحرف أو المقطع أو زاوية الحرف، أو اعتاد أن يرسمها، أو يحدث بها تعريجاً، أو يظهر منه اضطراب، لا بد وأن ينكشف أمره وتتغلب عليه عادته، ولهذا لجأ القضاة والخبراء إلى أن استكتاب المتهم المجني عليه في أغلب الأحيان، حتى قال بعض الباحثين الأمريكيين أن الخبير إذا كان حاذقاً ما استطاع أن يعرف الجاني فحسب، بل استطاع أن يغرف نفسيته والظروف التي كانت تسيطر عليه حين الكتابة؛ ولذلكم كان على الخبراء أول ما يبادرون إليه بعد استكتاب المتهم الجمل والكلمات والأحرف أن يدققوا في روح الكتابة. ومعنى هذا معرفة سر المهنة، وأن ينظروا في تلكم الزوايا ويدققوا فيه وفي مبادئ الكتابة وانتهائها، فإنها المظاهر التي يمكن أن تفضح الجاني. ولقد ارتقى فن كشف التزوير الخطي بارتقاء فن التزوير تبعاً لناموس الارتقاء العام. وأصبحت هنالكم الأشعة والأحماض والتلوينات ووسائل التحليل وما شابه ذلكم من فحص حياة المكروبات الموجودة في المادة التي كتب الخط بها لمعرفة عمر تلكم المواد والمقايسة بين هذا وبين تاريخ المستند أو الخط. وهكذا أصبح لدى العلم وسيلة كيميائية لا تكذب؛ فمثلاً إذا ادعى تزوير سند مؤرخ من ثلاثة أعوام، وأمكن فحص المداد الذي كتب به ذلكم المستند، وظهر أن عمر هذا المداد لا يتجاوز السنة، هنالكم يكون الإقناع التام بحدوث التزوير. وهكذا في كل شيء يمكن أن يستفاد بالعلم لكشف الجريمة. وقد قال بعض الباحثين يكفي أن يكون الخبير خبيراً بالخط