قلت ذلك لأنني علمت أن في القطار نخبة من سراة برقة وأدبائها، وعرفت بلده من لهجته التي يسهر تمييزها بين لهجات مغربية عديدة لطول ما تحدثت إلى أبنائها في الصحراء.
فقال: نعم!
وبدأ الحديث في الأدب
وعطف بعد هنيهات إلى الرسالة وموضوعاتها وكتابها، فإذا صاحبي ملم بأدب مصر في هذا العصر إلماماً يندر بين شبان من المصريين. ولحق به أصحاب من قومه يكبرونه سناً ويشبهونه كياسة وأدباً، فإذا هم ملمون بشئون مصر العامة أحسن إلمام يتاح لغريب عنها، وإن كان اهتمامهم بالقادة والرؤساء أوفر من اهتمامهم بالكتاب والشعراء.
وإذا في برقة وطرابلس أحزاب لأدباء مصر وأحزاب لقادتها السياسيين، ومساجلات وفكاهات لا نسمع بمثلها في مصر، وهي أحق شيء أن نستمع إليه.
ولم أشأ أن يكون الحديث كله عن مصر وأدبائها، فسألته عن برقة وأدبائها، وما فيها من شعائر الحركة الأدبية، ولا سيما بعد احتلالها.
فراعني أن أسمع شعراً حسناً ينضج بالشاعرية المطبوعة، ويجري في صيغة عربية سائغة، وما سمعت بأسماء قائليه قبل ذاك وإنهم لأولى بالذكر من كثيرين.
أنشدني قصائد شتى لشاعرهم رفيق المهدوي، فاستزدته وقلت له: إنكم لعلى حق أن تفخروا به وأن تذكروه باسم (شاعرنا) كلما ذكرتموه، فرب قصيدة من هذه القصائد التي سمعتها هي أنفع في التعريف بكم والإصغاء إلى قضيتكم من دعاية الساسة الذين يجهلون الدعوة ولا يوجهونها إلى أحسن الأسماع وأصدق القلوب.
ومما أنشدنيه له قصيدة على وزن جديد يقرب من الوزن الذي اختاره الزهاوي لقصيدته: