وأين قبره لننثر عليه زهرات الإقحوان المقطورة على التنسيق؟
وفي ميدان العتبة الخضراء يبدأ شارع حديث العهد، شارع أنشأناه بعد أن كثر عندنا المهندسين، وهو شارع الأزهر الشريف.
وهنا أيضاً أرجو من زار القاهرة أن يتمثل واجهة الأزهر وما يصحبها من منارات رشيقات. . . ليعرف كيف كان من الجناية على تخطيط القاهرة أن تحجب واجهة الأزهر عمن يقف متطلعاً إلى محاسن القاهرة في ميدان العتبة الخضراء.
وما يقال في شارع الأزهر يقال في شارع الأمير فاروق، فقد كان يجب أن يستقيم هذا الشارع بحيث تمكن رؤية ميدان فاروق، وعلى ناصيته سيل أم عباس، لمن ينظر فيه من ميدان العتبة الخضراء.
فما اسم المهندس الذي خطط هذين الشارعين قبل بضع سنين لنغري به أحد المستجوبين في مجلس النواب؟
أنا لا أدعو إلى أن تكون جميع الشوارع بريئة من الانحراف إلى اليمين أو إلى الشمال، فذلك تكليف بما لا يطاق، وإنما أدعو إلى مراعاة الذوق في إبراز محاسن القاهرة عند التخطيط، ولتوضيح هذه الفكرة أقول:
أجمل واجهة في قصور القاهرة هي واجهة قصر عابدين، فهل يرى تلك الواجهة من يمرَّ بميدان الإسماعيلية، مع أنه منها قريب؟
ومن الواجهات الجميلة واجهة محطة باب الحديد، فهل يراها من يقف في ميدان إبراهيم؟
وعلى من يرتاب في صحة القول بأن مدينة القاهرة لا تجد من يفكر في الانسجام والتنسيق، على من يرتاب في صحة هذا القول أن يزور حيّ الأزهر في أحد الأيام ليرى العجب العاجب في تعمد الخروج على الذوق، فهنالك قامت بناية عالية في العهد الحديث، بعد إكتهال الزمان وبعد الشعور بقيمة التنسيق في التخطيط، فكانت حجاباً كثيفاً يفصل بين واجهتين جميلتين: واجهة الجامع الأزهر وواجهة جامع الحسين.
إن الذوق من أطيب الأرزاق، فهل يتفضل الله فيزيد مهندسي القاهرة ذوقاً إلى ذوق؟
فكاهات هندسية
حين زرت البصرة في سنة ١٩٣٨ تلّطف معالي السيد تحسين علي فمضى بي في سيارته