للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يونيه أجريت الانتخابات البرلمانية العامة، فأسفرت كذلك عن أغلبية جمهورية ساحقة، وتوطدت دعائم الجمهورية الجديدة بتأييد البلاد كلها.

وهكذا انهارت دعائم الملوكية الأسبانية العتيدة؛ التي هي أقدم الملوكيات الأوروبية، والتي سطعت خلال قرون مديدة، وأخرجت ثبتاً حافلاً من الملوك العظام - ملوكية فرديناند الخامس وشارلكان وفيليب الثاني؛ تلك الملوكية التي لبثت تغالب العرب في أسبانيا ثمانية قرون، والتي انتهت بالقضاء على دولة الإسلام في الأندلس واسترجاع الوطن القديم كله. وهكذا ظفرت الديمقراطية الأسبانية ممثلة الشعب الأسباني باسترداد الحريات الدستورية كاملة شاملة بعد أن كاد يقضى عليها القضاء الأخير. وكان أول ما عنيت به الحكومة الجمهورية هو أن تضع لأسبانيا دستوراً جديداً لحماية المبادئ الجمهورية والحريات الشعبية، واضطلع الكورتيز (البرلمان الأسباني) بهذه المهمة منذ ١٤ يوليه وأتمها في ديسمبر؛ وكان من أهم المشاكل التي عالجها مسألة النظام الاتحادي الذي نشأ عن مطالبة قطلونية بالاستقلال الداخلي؛ وقد أقر الدستور هذا المبدأ، واعتبر أسبانيا جمهورية اتحادية واعترف باستقلال قطلونية الداخلي. وثمة مسألة خطيرة أخرى هي مسألة الكنيسة والدولة، وقد انتهى البرلمان بالموافقة على فصل الكنيسة عن الدولة (أكتوبر سنة ١٩٣١) ولكن هذا القرار أحدث أزمة وزارية، فاستقال السينور الكالا زامورا، وقامت وزارة جديدة برياسة الدون مانويل أزانا. وعانت أسبانيا خلال هذه الفترة كثيراً من المتاعب من جراء الثورات والمظاهرات المختلفة التي دبرتها أحزاب اليسار المتطرفة - الشيوعيون والاشتراكيون - ومن الاعتصابات العامة التي نظمت في كثير من أنحاء البلاد؛ وعانت الجمهورية الجديدة من جراء معارضة الكنيسة ودسائس الأحبار وفلول الملوكية؛ ولكن الحكومة الجمهورية أبدت حزماً وصرامة في قمع الفتن الشيوعية، وسحق دسائس الأحبار؛ وثار بين أسبانيا والفاتيكان خلاف كبير من جراء نزع أملاك الكنيسة ومطاردة الأحبار. وأصدرت الحكومة قانوناً خاصاً لحماية الجمهورية (٢٠ أكتوبر) - وفي نوفمبر صدر قانون خاص باعتبار الفونسو الثالث عشر خارجاً على القانون وبوجوب مثوله ومحاكمته: وفي العاشر من ديسمبر أجريت الانتخابات لرآسة الجمهورية، فانتخب السينور أل لا زاموار أول رئيس للجمهورية الأسبانية الثانية. . وقد اضطرمت أسبانيا في الفترة الأخيرة بعدة ثورات وفتن

<<  <  ج:
ص:  >  >>