للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

البعيد (المشير) أو (المارشال)

كذلك مما يدعو إلى الألم والإشفاق أن يكثر طلاب الالتحاق بكلية التجارة، مع أنهم حملوا على هذا، لأن درجات نجاحهم لا تيسر لهم الالتحاق بكليات أخرى، دون الاستجابة إلى أية رغبة في العلوم التجارية، ودون التهيؤ السابق للنهوض بالأعمال الاقتصادية والحسابية

ومما يبعث على الأسف أيضاً، أن يكثر طلاب الالتحاق بكلية الزراعة، على حين أنهم لم يعدوا أنفسهم أو لم تعدهم دراستهم وطبائع نفوسهم، أو بيئتهم أو ثروتهم لمزاولة الأعمال الزراعية.

في كل أمة مهما تبلغ من الرقى ومهما تبلغ الذروة في الحضارة القائمة، فريقان من الناس: الفريق الأول وهو الأكبر أيضاً، هو الذي تعول عليه الأمة في العمل المأجور في الزراعة والصناعة، وهذا لا غنى لكل أمة عن استخدامه في سن مبكرة، لكي تستفيد من شبابه ونشاطه ومنته البدنية، ولكي يسعه أن يبادر إلى إعفاء ذويه الفقراء أو الدولة نفسها من نفقات تربيته، لأن ميزانية أية دولة في العالم لا يسعها أن تدفع نفقات مراحل التعليم كلها بالمجان إلى الجميع، حتى سن الثلاثين مثلاً

أما الفريق الثاني فهو الفريق الأقل عدداً وهو الذي لا غنى للدولة عن أن تتيح له أن يتفرغ لشئون الحكم وإرادة الأعمال والبحوث العلمية المنوعة

هذان الفريقان قائمان في كل أمة مهما يكن نوع نظام الحكم: فهو قائم في روسيا السوفيتية لأن المساواة النظرية فيها تقوم على إلغاء الرأسمالية لا على إلغاء نظرية التفوق العقلي الطبيعي، وفي البلاد الديكتاتورية ذاتها. أما في البلاد الديمقراطية فقيام الفريقين فخر من مفاخرها

ولما كانت الحضارة القائمة، هي حضارة صناعية أي مؤسسة على التقدم الصناعي الآلي، كان التخصص في كل فرع من فروع الحضارة ركناً من أركانها وظاهرة من ظواهرها

وعلى هذا أصبح لزاماً على القائمين بأمور التعليم الجامعي أن يتعرفوا مدى جدارة الطالب بدراسة العلوم التي اختصت بها الكلية التي طلب الالتحاق بها، لكي يتحقق المعنى الجامعي، وهو الرغبة الصادقة في متابعة دراسة هذه العلوم في الجامعة وبعدها وإلى ما يشاء الله، ولكي تحقق الأمة ما تطلبه من الكفاية الفنية الدقيقة في أبنائها البررة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>