للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ترويض للنفس على الكفاح والمجالدة والاحتمال، وتدريب للقلب على الصبر والثبات والمثابرة، وسمو بالعقل إلى الصلاح والسداد والتبصر، وتقويم للطباع وردع للأهواء

وهو يلوح لنا من أفق الزمن هذا العام والكون مغتلم الأمواج صخاب اللجج عصوف الريح يكاد سيله العاتي يطم ويطغى فيجتاح ما ظل من آثار الحضارة المنكوبة، ويكتسح ما بقى من أطلال المدينة المحروبة، والإنسان المجنون محمول على غوارب اللجج وقد غلبه الجزع فأفقده وسيلة النجاة، وملكه الذهول فضيع عليه معالم الطريق، فلم يعرف كيف يتفادى العاقبة المؤلمة ولم يدر كيف يتقي الغب المر.

فلا ريب أن حاجة المسلمين اليوم إلى التعاون والتقرب والتضامن أشد منها بالأمس.

فليكن رمضان وازعاً للتعاون وسبباً للتقرب ودافعاً للتضامن

ولا ريب أن المصاعب التي تعانيها الطبقة الفقيرة الآن أعظم منها في أي وقت مضى.

فليكن رمضان سبيلاً لتخفيف وطأة هذه المصاعب عن كاهل هذه الطبقة.

تذكر أيها الغني المترف المتقلب في الرخاء والمتمرغ على الذهب والديباج أولئك المعوزين الذين جار عليهم الدهر، وأغار عليهم الإملاق، وأناخ عليهم الداء، وقعد بهم العجز، وادرء عنهم بالصدقة عرام الفاقة.

وتذكر أولئك اليتامى الذين نكبهم القدر فحرمهم عناية الأم ورعاية الأب وحنان الناس، وأجهدهم السغب فسلبهم الدعة والاطمئنان، وطاردهم التشرد فضن عليهم باللقمة التي تسد الرمق، والسمل الذي يستر الجسد، والمأوى الذي يلوذون به من الحر والقر، وكن لهم الردء والمساعد والمعين.

فقد يمن الله علينا بعد خلاص النفوس من الأهواء، وصفاء القلوب من الأحقاد، وتجرد العقول من الأوهام؛ بالسلامة من أوار هذا الجحيم المتأجج وخطر هذه النكبة البشرية المروعة!

وإن العقبى للصالحين.

(بغداد)

يحيي محمد علي

<<  <  ج:
ص:  >  >>