كان الذي بعث عزيمة المؤلف على هذا العمل أنه كان يريد أن يضع (تاريخاً لفقيد الوطن العظيم مصطفى كامل علي مثال كتاب (بول دشانل) عن (جامبتا) خدمة للقضية الوطنية وأداءً لواجب الوفاء نحو من تلقى عنه مبادئ الوطنية الأولى) ولكنه وجد أن تاريخ هذا الزعيم يستتبع (الكلام عن مبدأ ظهور الحركة القومية بمصر والتطورات التي تعاقبت عليهاِ) فجعل همه أن يدرس هذه الحركة (من بدء ظهورها إلى اليوم) ذلك بأن مصطفى كامل إنما كان (يمثل دوراً من أدوار الحركة القومية سبقته أدوار وتلته أخرى، ولا تكون دراسة الحركة القومية وافية إذا اقتصرت على عصر واحد من عصورها، بل يجب أن يتناولها البحث بأجمعها)
ولما أنشأ يدرس الأدوار التي تقدمت عصر مصطفى كامل لكي يصل إلى مبدأ هذه الأدوار، وجد بعد مواصلة الدرس ومطاولة البحث إن (للروح القومية التي بدأت تظهر في أواخر القرن الثامن عشر - يجب أن يرجع مبدأ الحركة القومية المصرية؛ وإن أول دور من أدوارها هو عصر المقاومة الأهلية التي اعترضت الحملة الفرنسية في مصر)
ولم يقف به البحث عند دراسة الحركة القومية، بل وجد إن تاريخ هذه الحركة يدعو إلى (دراسة نظم الحكم التي تخللت أدوارها، ذلك إن سياسة الحكم وأساليبه كانت في مختلف العصور والبلدان الرئيسية لظهور الانقلابات والحركات القومية كما إن لهذه الحركات أثراً فعالاً في تطور نظام الحكم)
ولما استوت له هذه الطريقة ووضع لها المعالم وأحكام الحدود، أخذ يؤرخ هذه الأدوار على ما قدمنا، ثم زاد عليها ما يلابسها وما يتصل بها من دراسة الحركات العلمية والفكرية والاقتصادية مما هو كمال لها، وتمام عليها، بما في ذلك من ترجمة رجال هذه الحركات كلها
ولقد كنت أود أن أفصل القول في وصف هذا العمل العظيم الذي يعد بلا ريب من أعظم الأعمال التي يقوم بها المجاهدون المخلصون في سبيل أوطانهم، وإن أبين شيئاً مما جاء في هذا التاريخ الزاخر الذي أوفى فيه مؤلفه الجليل على غاية ليس فوقها مرتقى لهمة، ولا وراءها مذهب لذي إحسان، حتى يعرف القارئ الكريم مقدار هذه المعلمة الوطنية ويقف