للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقدم القصائد المؤرخة قصيدة (طابع البريد) في العاشر من سبتمبر سنة ١٩٠٠، وتليها أبياته في وصف معرض الأزهار والثمار في باريس سنة ١٩٠١، ثم وصف المرقص الذي أقيم في قصر عابدين سنة ١٩٠٣، والمرقص الذي تلاه في سنة ١٩٠٤

وهذه القصائد لا ترتقي إلى منزلة القصائد التي نظمها بعد أن استحصدت قواه الشعرية، ولكنها مع ذلك تشهد بأن شوقي فُطر منذ البداية على إجادة الغناء.

من كل فاكهة زوجان

في هذا الجزء ترى قصائد فرنسية وقصائد تركية وقصائد مصرية وقصائد سورية ولبنانية، قصائد وصف بها عواطفه الصحاح نحو فرنسا وتركيا ومصر وسورية ولبنان، قصائد تقيم أصح البراهين على أن شوقي أحب جميع ما عرف من البلاد، وأنس إلى أكثر من عرف من الناس

وهنالك ظاهرة يجب النص على تفسيرها الصحيح، وهي إفراط شوقي في أخريات أيامه على الإشادة بمحاسن الشام ولبنان

فما تفسير هذه الظاهرة النفسية؟

كان شوقي لا يحب إلا من يروي شعره، وكان هواه مقصوراً على من يؤمنون بأنه أشعر الناس. وقد وجد في سورية ولبنان جماعات كثيرة تعرف من سرائر شعره أكثر مما يعرف، وتذهب في تمجيده إلى آفاق لا يطيف بها الخيال

وهل أُسرفُ إذا قلت إن تلطف شوقي في الحديث عن المسيحية يرجع إلى مراعاة عشاق شعره من النصارى العرب؟

الإسلام يحكم بكفر من يتطاول على المسيح، ولكنه لا يفرض على المسلم أن يتغنى بمجد المسيح، فكيف جاز لشوقي أن يجعل الثناء على المسيحية من أغراضه الشعرية؟

السبب هو ما أقول، هو أن شوقي وجد في نصارى لبنان رجالا يؤمنون بأدبه الرفيع، فجازاهم وفاءً بوفاء، وقال في المسيح كلاماً يقره أدب القرآن، وهل وصف المسيح بأفضل مما وصفه القرآن؟

كان شوقي ينعطف من لبنان إلى سورية بروحانية قليلة الأمثال:

خلَّفتُ لبنان جنات النعيم وما ... نُبئتُ أن طريق الخلد لبنانُ

<<  <  ج:
ص:  >  >>