أخشى أن أقول أننا لم نصر كتاباً ولا مؤلفين بالمعنى الصحيح للكتابة والتأليف
أخشى أن أقول أننا عجزنا عن خلق الجاذبية الادبية، وسيحكم علينا التاريخ بما لا نريد، فسيقول أقوام إن مصر عانت زمناً لم يعرف أدباؤه كيف يرفعون البراقع عن الاقلام، ولم يفكروا في رفع الأمية الفكرية عن عقول القراء
أعوذ بالله من بعض ما أرى وبعض ما أقرأ وبعض ما اسمع!
وبالله استعيذ من زمن تضعف فيه الأبوة الروحية، أبوة الباحثين والمفكرين!
ومع هذا فالأمة المصرية هي هي لم تتغير ولم تتبدل، الأمة التي تستمع كل قول، وتستجيب لكل نداء، ولم يفتر نشاطها الذهني في أي وقت، ولكن أين من ينتفع بالحيوية المكنونة في ضمير الأمة المصرية؟
انتفع السياسيون من أمثال: مصطفى كامل ومحمد فريد وسعد زغلول، لأنهم جاهدوا وناضلوا وكافحوا، ولأنهم جددوا أهدافهم تحديداً لا يتطرق إليه الارتياب، ثم رحبوا بجميع المتاعب في سبيل تلك الأهداف
فماذا صنع الأدباء ليسيطروا بالقوة الروحية، كما سيطر أولئك بالقوة السياسية؟
قد يقال إن الوطنية وتر حساس، فهي السر في نجاح أولئك الرجال
وأقول إن النزعة الإنسانية اقدم واعمق من النزعة الوطنية، فلو جاهد الأدباء جهاد الصدق لكان لهم في أمتهم تأثير لا يصل إليه كبار الوطنيين، ولكان من السهل أن تكون مبادئهم شرائع يعتصم بها السياسيون
واعجب العجب أن يكون في الأدباء من يطلبون الاستقلال لامتهم ولا يطلبونه لأنفسهم، كالأدباء الذين يعيشون تحت وصاية الأحزاب السياسية راضين وادعين ناعمين، كيانهم ظفروا بكنوز قارون، وكأن آلهة الفن هي التي ألهمتهم ذلك المذهب من مذاهب المعاش، مع أن القلم أكبر واعظم واشرف من أن يتشوف صاحبه إلى الاستظلال بظلال الأحزاب
لا عيب في أن يكون للأديب حزب ينتمي إليه إذا اقتنع بالتحزب في سبيل القومية. ولا عيب في أن تكون للأديب مطامع سياسية، ولكن العيب كل العيب أن يكون الأدباء ذيولاً