الأستاذ محمد يوسف من العلماء الباحثين والكتاب المروين الذين عناهم الأستاذ الزيات في مقالته الغراء (دفاع عن البلاغة)
فهو يكتب عن دراسة مستفيضة وتحليل عميق، فيخرج الفكرة ناضجة، ويبدي الرأي خميراً، ويجلي البحث مكتملاً من جميع نواحيه
ولعل هذا هو السر في ظواهر ثلاث نلمسها لمساً في كتابه (فلسفة الأخلاق في الإسلام)
١ - النشر والطي، والتفصيل والأجمال، والعرض والتلخيص؛ مما يبلغ حد التكرار أحياناً ويؤاخذ به من لم يقصد إلى الإيضاح والتحرير
٢ - الدقة البالغة في الشرح والموازنة، وتجلية الغامض من عبارات الفلاسفة ومصطلحات الصوفية، إلى أمانة في النقل نادرة؛ مما حداه إلى كثرة الاستدراك، وإيراد الجمل المعترضة التي لا تكاد تخلو منها صفحة واحدة واثبات النصوص مسندة إلى مصادرها الكثيرة المتنوعة
٣ - السداد في النظر، والعدالة في الحكم بعد استقصاء وجوه الرأي، من غير ما سفه ولا شطط حتى لا تحوك في الصدر شبهة دون أن يذيبها بقول سديد أو رأي رشيد
غير أن إصابة الأستاذ للغرض، ومصاحبته للتوفيق، ونزاهته في الحكم - لا تحول بيننا وبين الإدلاء بهذه الملاحظات الخفيفة خدمة للعلم ووفاء للحق (والحق لا يصح أن نجامل على حسابه أحداً من الناس وإن كان زين الدين وحجة الإسلام والمسلمين)
(ا) كنا نود أن يقتصد المؤلف ولو صفحة واحدة مما كتب في ابن عربي الذي هو إلى فلاسفة التصوف اقرب منه إلى فلاسفة الأخلاق، فيضمها إلى الكتابة عن أبي الحسن البصري المارودي الذي أشار الأستاذ بحق إلى أن كتابه (أدب الدنيا والدين) مما يمثل الأخلاق الإسلامية اصدق تمثيل على حين لم يظفر من الكتاب إلا ببضعة اسطر. وإذا لم تكن ترجمة أبي الحسن من أغراض الكتاب فلا ريب أنها - على الأقل - من قبيل