ولكن المحقق الإنجليزي س. ب. هويكر يقول إنه لم يعثر عليها في هذا المصدر، وإنها نشرت لأول مرة عام ١٨٥٦م ضمن ديوان للشاعر عنوانه: أغاني وأناشيد شعرية.
ترجمة القصيدة
عاش توبال قابين في بدء الحياة والكون طفل يحبو؛ وكان قيناً صَناعاً ذا أيدٍ وقوة، لا ينفك لمطرقته دويّ ولأتونه لهيب ولظى. . . كان يرفع مطرقته بساعده القوى المفتول ويهوي بها على الحديد الأحمر الوهاج، فيترامى من حوله الشرر كأنه شآبيب المطر الأرجواني. وما يزال حتى يستوي الحديد أمامه سيفاً قاطعاً أو سناناً لا معاً، وإذ ذاك يصيح من قلب جذلان:
ألا بورك في هذه من صنعة بورك في تلك الظُّبا وهاتيك الشَّبا! بورك لمن هزَّ مشرفياً أو اعتقل ردينيا فبهذين تمتلك النواصي، وتستدنى الآمال القواصي!
وكانت الرجال ما تنفك تهوى من كل فج إلى توبال قابين وهو على عمله عاكف يلتمس كلٌّ لنفسه سيفاً جزاراً أو نصلاً قاطعاً، ليحقق في الحياة مأرباً أو يحتاز رغبة. فكان يمدهم من السلاح فأنفذه ومن العدة بأقواها، حتى ليهتفون باسمه في نشوة من السرور، ويغمرونه بعطاياهم من نفائس النضار وكرائم الجوهر وهم يقولون: ألا بورك فيك يا توبال قابين؛ يا من تسبغ علينا من القوة لَبُوساً، ومن البأسِ سرابيل ودروعاً
بورك في القين وبورك في النار! بورك في الحديد ذي البأس الشديد!
على أن خاطراً فجائياً احتل موطنه - في إحدى الليالي - من قلب توبال قايين، فجاشت نفسه بالألم الممض، وامتلأ صدره من الكمد الموجع والهم المقعد المقيم على ما قدم من الشر وأسلف من سوء الصنيع!
رأى الناس قد اذكروا فيما بينهم نار حرب عوان، بدافع من نزوات الغضب ونفثات الحقد؛ وخضبوا وجه الأرض بمسفوح الدم، في لحظات من جنونهم ونشوات نفوسهم العوارم، فصاح من قلب مفجع منكوء:
وا أسفاه على ما قدمت يداي! وتعساً لتلك المهارة التي هيأت لهؤلاء القوم من آلات التخريب ومعدات الدمار ما تمادوا به في تقتيل أنفسهم؛ حتى اقتضبوا طويل أعمارهم، وخربوا معمور ديارهم!